وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلّم «وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ»
ــ
الصدقة بأنها اسمه. فإن قلت: أول من مات بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم من أزواجه زينب لا سودة قال النووي في تهذيب الأسماء قالت عائشة إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لنا (أسرعكن بي لحوقاً أطولكن باعاً) فكنا إذا اجتمعنا نمد أيدينا في الجدار نتطاول حتى توفيت زينب وكنات امرأة صيرة ول تكن أطولنا فعرفنا حينئذ أن النبي صلى الله عليه وسلّم إنما أراد بطول اليد الصدقة وكانت زينب امرأة صناعة كانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله ماتت سنة عشرين وأجمع أهل السير أنها أول نساء رسول الله صلى الله عليه وسلّم موتاً بعده. قلت: لا يخلو أن يقال أما أن في الحديث اختصاراً وتلفيقاً يعني اختصر البخاري القصة ونقل القطعة الخيرة من حديث فيه ذكر زينب فالضمائر راجعة إليها وأما أنه اكتفى بشهرة الحكاية وعلم أهل هذا الشأن بأن الأسرع لحوقاً هي زينب فيعود الضمائر إلى من هي مقررة في أذهانهم وأما أن يؤول الكلام بأن الضمير راجع إلى المرأة التي هي علم رسول الله صلى الله عليه وسلّم لحوقها به أولا أي علمنا بعد ذلك أنها هي التي طول الصدقة يدها والحال أنها كانت أسرع لحوقاً به وكانت محبة للصدقة. الطيبي: معناه فهمنا ابتداء ظاهره فلما علمنا أنه لم يرد باليد العضو وبالطول طولها بل أراد العطاء وكثرته أجريناه على الصدقة فاليد ههنا استعارة للصدقة والطول ترشيح لها وقال رواية مسلم وكانت أطولنا يداً زينب فوجه الجمع بينهما أن يقال أن فيما رواه البخاري وكانت الحاضرات من أزواجه بعضهن لأن سودة ماتت قبل عائشة وبعد غيرها سنة أربع وخمسين وان ما رواه مسلم كانت الحاضرات كلهن لن زينب ماتت قبل الكل سنة عشرين أقول وهذا جواب رابع وقال بعض المؤرخين أن سودة توفيت آخر خلافة عمر رضي الله عنه بعد زينب قبل باقيهن وفي الحديث ما هو من دلائل نبوته ومعجزاته صلى الله عليه وسلّم (باب صدقة السر) قوله (ورجل) فإن قلت الواو للعطف فما المعطوف عليه؟ قلت: هذه قطعة من الحديث الذي يجيء قريباً في باب الصدقة باليمين ذكره ههنا