أن عيسى عليه السلام صلب على خشبة على تلك الصورة (وحكماً مقسطاً) أي عادلاً وهو يحكم بالشريعة المطهرة وكسره الصليب للإشعار بأن النصارى كانوا على الباطل في تعظيمه، وكذا قتل الخنزير وفيه دليل تغيير المنكر (ويضع الجزية) أي يتركها فلا يقبلها بل يأمرهم بالإسلام وأيضاً نحن نقبلها لحاجتنا إلى المال، فإن قلت هذا خلاف حكم الشرع فإن الكتابي إذا بذل الجزية وجب قبولها ولم يجز إكراهه على الإسلام أو قتله. قلت: هذا الحكم منته بنزول عيسى عليه السلام وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذا الحديث بنسخه وليس عيسى هو الناسخ بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو المبين للنسخ فإن عيسى تابع لشريعتنا عند نزوله وقيل معناه يضع الجزية على جميع الكفرة فإن الناس كلهم ينقادون له إما بالإسلام وإما بالقائد فيضرب عليهم الجزية (ويفيض المال) من كثرة الجري والظاهر أن فيضان المال أي كثرته بسبب نزول البركات وظهور الخيرات وقلة الرغبات لقصر الآمال ولعلمهم بقرب القيامة ومر في كتاب البيع. قوله (الدنان) جمع الدن وهو الجب (والزقاق) جمع الزق وهو السقاء جمع الكثرة وأما جمع القلة فهو أزقاق (والطنبور) بالضم وهو الأشهر وبالفتح فارسي معرب. قوله (أو مالا ينتفع) أي كسر شيئاً لا يجوز الانتفاع بخشبه قبل الكسر كآلات الملاهي المتخذة من الخشب فهو تعميم بعد تخصيص ويحتمل أن تكون «أو» بمعنى إلى، يعني فإن كسر طنبوراً إلى حد لا ينتفع بخشبه أو هو عطف على مقدار وهو كسر ينتفع بخشبه أي أو كسر كسراً ينتفع بخشبه ولا ينتفع بعد الكسر: فإن قلت أين جزاء الشرط؟ قلت محذوف نحو فهل يضمن أو يجوز أو فما حكمه. قوله (شريح) بضم المعجمة وفتح الراء وسكون