اعلم أن صحيح البخاري لا حاجة له في بيان حاله، إلى تعديل رجاله. لأنه ينقسم إلى قسمين: رجال بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتفق الأمة المكرمة المعظمة الأقدار، على أنهم عدول ثقات أخيار أبرار، فما ذكرنا إلا أنسابهم ووفياتهم، ونحو ذلك مما تميل الخواطر إليها وذلك لتكثير الفوائد، وتغزير العوائد، والاستئناس بها، لا للتعديل والتجريح أو التصنيف والتصحيح، وصححنا أسماءهم احترازا الاختلاط والتحريف، واتقاء عن الاختباط والتصحيف، وذلك أنما هو من كتب متعددة مشهورة عند أبناء الزمان، وصحف متكثرة مذكورة بين أصحاب هذا الشأن وأكثرها من كتاب الشيخ أبي نصر احمد بن محمد بن الحسن المكلاباذي، ومن تقييد المهمل للحافظ أبي علي حسين الغساني ((بالمعجمة وشدة المهملة والنون)) الجياني ((بالجيم وتشديد التحتانية وبالنون)) المغربي، ومن كتاب الإكمال، للأمير أبي نصر ابن ماكولا، ومن جامع الأصول للإمام أبي السعادات ابن الأثير، جزاهم الله خيرا، ورجال بيننا وبين البخاري، ولا حاجة لنا إلى معرفتهم بذواتهم، فضلا عن جرحهم وعدالتهم. لأن صحيحه بالنسبة إلينا متواتر. ولا الى الإسناد إليهم، لكن لما كان الإسناد خصيصة هذه الأمة المباركة ومن جملة شرفها. فلا بد من اعتباره اقتداء بالسلف. وحفظ للشرف. فأقول: فأما إسنادي إليه فهو من شيوخ متوافرة، وعلماء متكاثرة، من أهل الحرمين الشريفين، مكة والمدينة، ضاعف الله شر فهما، والقدس، والخليل فهما، والقدس، والخليل ومصر، والشام، والعراق، وغيرها. ورحلت لأجله خاصة إلى هذه البلاد برها وبحرها. لكن السماع التام الشافي، والاستماع الكامل الكافي، إنما هو من شيوخ ثلاثة:
الأول: الشيخ الإمام العامة محدّث الجامع الأزهر من القاهرة المعزّية بالديار المصرية ناصر الدين محمد بن أي القاسم بن إسماعيل بن محمد بن المظفر أبو عبد الله الفارقي , كان شيخا فقيها صوفيا عالما بما يقرأ ضابطا مصنفا كان يأكل من أجرة الكتابة, وكان قد داوم سنين على قراءة شيء من صحيح البخاري صبيحة كل يوم بالجامع الأزهر مات في حدود ستين سنة وسبعمائة فإنه حدثني بأكثره قراءة منه, وأخبرني بالباقي قراءة عليه قال: أخبرني مشايخ جمّة منهم أبو عبد الله محمد بن أبي الحرم ((بالمهملة والراء المفتوحتين)) مكيّ منسوب إلى مكة المشرّفة ابن أبي الذكر ((بكسر المعجمة)) عبد الغني القرشي الغزّي الدمشقي كان شيخا مباركا صحيح السماع مكثرا وكان رقاما بدار الطراز من القاهرة , مات سنة تسع وتسعين وستمائة سماعاً. قال: