صلى الله عليه وسلم أمته بعبارة نفسه وسائر الأحاديث لم يضفه إلى الله تعالى ولم يروه عنه, قوله {الصوم لي} فإن قلت جميع الطاعات لله تعالى قلت سبب إضافته أنه لم يعبد أحد غير الله به فلم يعظم الكفار في عصر من الأعاصر معبودا لهم بالصيام وإن كانوا يعظمونه بصورة السجود والصدقة وغير ذلك وقيل أنه ليس للصائم فيه حظ إذ لا يطلع عليه أحد وكيف يكون وفيه كسر النفس وتعريض البدن للنقصان والصبر على حرقة العطش ومضض الجوع وقيل إضافته للتشريف كقوله تعالى «ناقة الله» الخطابي: معناه الصوم عبادة خالصة لي لا يستولي عليه الرياء والسمعة لأنه عمل سر ليس كسائر الأعمال التي يطلع عليها الخلق وهذا كما يروي: نية المؤمن خير من عمله لأن النية محلها القلب فلا يطلع عليها غير الله وتقديره أن النية منفردة عن العمل خير من عمل خال عن النية كما قال: ليلة القدر خير من ألف شهر أي ألف شهر ليس فيه ليلة القدر وقيل معناه أن الاستغناء عن الطعام صفة الله تعالى فإنه يطعم ولا يطعم كأنه يقول أن الصائم يتقرب إلى بأمر هو متعلق بصفة من صفاتي وإن كانت صفات الله تعالى لا يشبهها شيء قال {وأنا أجزي به} معناه مضاعفة الجزاء من غير عدد ولا حساب وإنما عقبة بقوله {والحسنة بعشر أمثالها} إعلاما بأن الصوم مستثنى من هذا الحكم فكأنه قال وسائر الحسنات بعشر الأمثال بخلاف الصوم فإنه بأضعافه بدون الحساب قوله {وأنا أجزي} بيان لكثرة ثوابه لأن الكريم إذا أخبر بأنه يتولى بنفسه الجزاء اقتضى عظمته وسعته فإن قلت تقدير الضمير للتخصيص أو للتأكيد والتقوية قلت يحتملها لكن الظاهر من السياق الأول أي أنا أجازته لا غيري بخلاف سائر العبادات فإن جزاءها قد يفوض إلى الملائكة قوله {بعشر أمثالها} فإن قلت المثل مذكر فالقياس بعشرة بالتاء التي هي علامة التأنيث قلب مثل الحسنة هو الحسنة فكأنه قال بعشر حسنات فإن قلت قد يكون بسبعمائة والله يضاعف لمن يشاء قلت هذا أقله والتخصيص بالعدد لا يدل على النفي الزائدة قوله {جامع} بالجيم والمهملة ابن أبي راشد الصير في الكوفي و {أبو وائل} بالهمزة بعد الألف اسمه شقيق بفتح المعجمة والقافين