لم يبق من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم غيره أو لما رأى من التغيير ونقص العلم فوعظهم بما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في نقص العلم أنه من أشراط الساعة ليحضهم على طلب العلم ثم أتى بالحديث على نصه. قوله (سمعت) هو بيان أو يدل لقوله لأحدثنكم وقد تقدم توجيه كيفية جعل الذات مسموعاً، قوله (أن يقل العلم) بكسر القاف وهو في محل الرفع بالابتداء. فإن قلت قلة العلم تقتضي بقاء شيء منه والرفع عدم بقائه فما وجه الجمع بينهما. قلت القلة قد تطلق ويراد بها العدم أو كان ذلك باعتبار الزمانين كما يقال مثلاً القلة في ابتداء أمر الأشراط والعدم في انتهائه ولهذا قال ثمة يثبت الجهل وههنا قال يظهر. قوله (وتكثر النساء) أي بسبب تلاحم الفتن وقتل الرجال فيها كما ورد في المواضع الأخر ويكفي كثرتهن في قلة العلم وظهور الجهل والزنا لأن النساء حبائل الشيطان وهن ناقصات عقل ودين. قوله (لخمسين امرأة) يحتمل أن يراد بها حقيقة هذا العدد وأن يراد بها كونها مجازاً عن الكثرة ولعل السر فيه أن الأربعة هي كمال نصاب الزوجات فاعتبر الكمال مع زيادة واحدة عليه ليصير فوق الكمال مبالغة في الكثرة أو لأن الأربعة منها يمكن أن تؤلف العشرة لأن فيها واحداً واثنين وثلاثة وأربعة وهذا المجموع عشرة ومن العشرات المئات ومن المئات الألوف فهي أصل جميع مراتب الأعداد فزيد فوق الأصل واحد آخر ثم اعتبر كل واحد منها بعشر أمثالها أيضاً تأكيداً للكثرة ومبالغة فيها وقد تقرر مثله في قوله تعالى (خمسين ألف سنة). قوله (ألقيم) أي من يقوم بأمرهن فإن قلت ما فائدة التعريف وقح الظاهر أن يقال قيم واحد. قلت فائدته الأشعار بما هو معهود من كون الرجال قوامين على النساء فاللام للعهد. فإن قلت هل لتخصيص هذه الأمور بالذكر فائدة معلومة. قلت والله أعلم يحتمل أن يكون ذلك لأنها مشعرة باختلال الضرورات الخمس الواجبة رعايتها في جميع الأديان التي يحفظها صلاح المعاش والمعاد ونظام أحوال الدارين وهي الدين والعقل والنفس والنسب والمال فرفع العلم مخل بحفظ الدين وشرب الخمر بالعقل وبالمال أيضاً وقلة الرجال بسبب الفتن وظهور الزنا بالنسب وكذا بالمال غالباً. فإن قلت لم كان اختلال هذه الأمور من علاماتها. قلت لأن