إلى كل من الثلاث فإن قلت ما العلة في التخصيص بهؤلاء الثلاثة والحال أن غيره أيضا كذلك مثل من صلي وصام فإن للصلاة أجرا وللصوم أجرا وكذا مثل الولد إذا أدي حق الله وحق والده. قلت الفرق بين هذه الثلاث وغيرها أن الفاعل في كل منهما جامع بين أمرين بينهما مخالفة عظيمة كان الفاعل لهما فاعل للضدين عامل بالمتنافيين بخلاف غيره. فإن قلت ينبغي أن يكون لهذا الأخير أجور أربعة أجر التعليم والتأديب والإعتاق والتزوج بل سبعة. قلت المناسبة بين هذه الصورة وأخواتها الجمع بين الأمرين اللذين هما كالمتنافيين فلهذا لم يعتبر فيهما إلا الأجر الذي من جهة الأحوال التي للرقبة والذي من جهة الأحوال التي للحرية ولهذا ميز بينهما بلفظ ثم دون غيرهما. فإن قلت فلم كرر لفظ له أجران. قلت البلغاء يكررون بعض الكلام حين طوله اهتماما به قال الحماسي:
وإن امرأ ناسبت مواثيق عهده ... على مثل هذا إنه لكريم
المظهري: المراد بحصول الأجرين له هنا بالإعتاق والتزوج لأن التأديب والتعليم موجبان للأجر في الأجنبي والأولاد وجميع الناس فلم يكن مختصا بالإماء وقيد بالتأديب والتعليم لأنه أكمل للأجر إذ تزوج المرأة المؤدبة المعلمة أكثر بركة وأقرب أن تعين روحها علي دينه. قوله (قال عامر) أي الشعبي (أعطينا كها) الخطاب لصالح والضمير راجع إلي المسألة أو إلي المقابلة. قوله (بغير شيء) أي بغير أخذ مال منك علي جهة الأجرة عليه وإلا شيء فلا أعظم من الأجر الأخروي الذي هو ثواب التبليغ والتعليم. قوله (قد كان) في بعض النسخ فقد كان و (يركب) أي يرحل واللام في المدينة للعهد عن مدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم فإن قلت الحديث كيف يدل علي الترجمة إذ ليس ما يدل علي تعليم الأهل، قلت بالقياس علي تعليم الأمة أو ترجم وأراد أن يلحق إليه حديثا يدل عليه فلم يتفق له. النووي: وفي قول الشعبي جواز قول العالم مثله تحريضا للسامع وفيه بيان ما كان السلف عليه من الرحلة إلي البلدان البعيدة في حديث واحد أو مسألة واحدة قال ابن بطال وفيه إثبات فضل المدينة وإنها معدن العلم وإليها كان يرحل في طلبه ويقصد في اقتباسه وقال المراد بالأجرين في صاحب الأمة أجر العتق والتزوج وأجر التأديب والتعليم. أقول هو يشد عضد تقديرنا في تعيين الأجرين والله أعلم. (باب عظة الأمام النساء) العظة بمعني الوعظ وهو التذكير بالعواقب. قوله (سليمان بن حرب) بالمهملة المفتوحة والراء الساكنة والموحدة