للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ، قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: الدِّينَ.

ــ

رأيت الناس ينتجعون غيثاً ... فقلت لصيدح انتجعي بلالا

والصيدح علم ناقة الشاعر. و (يعرضون علي) أي يظهرون لي يقال عرض الشئ إذا أبداه وأظهره قوله: (قمص) جمع القميص نحو رغيف ورغف ويجمع أيضاً على قمصان وأقمصة و (الثدي) بضم الثاء وكسر الدال وتشديد الياء جمع الثدي نحو فلس وفلوس وهي للمرأة والرجل أيضاً ويجمع على أثد وثدي بكسر الثاء والدال. قوله: (ما دون ذلك) أي أقصر فيكون فوق الثدي أي لم ينزل إليه ولم يصل به لقلته. قوله: (أولت) التأويل تفسير ما يؤول إليه الشئ والمراد هنا التعبير وفي اصطلاح الأصوليين التأويل تفسير الشئ بالوجه المرجوح وقيل هو حمل الظاهر على المحتمل المرجوح بدليل يصيره راجحاً وهذا أخص منه. قوله: (الدين) بالنصب أي أولت الدين والدين للإنسان كالقميص له في أنه يستره من النار ويحجبه عن كل مكروه كما أن القميص يستر عورة الإنسان ولعله صلى الله عليه وسلم إنما أوله الدين بهذا الاعتبار والله أعلم. النووي: في الحديث فوائد منها أن الأعمال من الإيمان وأن الإيمان والدين بمعنى واحد وفيه تفاضل أهل الإيمان وفيه بيان عظيم لفضل عمر رضي الله عنه وفيه تعبير الرؤيا وسؤال العالم عنها وفيه إشاعة العالم الثناء على الفاضل من أصحابه إذا لم يخش فتنة بإعجاب ونحوه فيكون الغرض التنبيه على فضله لتعلم منزلته ويعامل بمقتضاها ويرغب في الاقتداء به والتخلق بأخلاقه وقال أهل العبارة القميص في النوم معناه الدين وجره يدل على بقاء آثاره الجميلة وسنته الحسنة في المسلمين بعد وفاته ليقتدي به تم كلامه. روى البخاري في كتاب المناقب هذا الحديث وفيه بدل يعرضون عرضوا وبدل يجره اجتره وبدل ومنها ما دون ذلك ومنها ما يبلغ دون ذلك وفي كتاب التعبير يجتره. فإن قلت يلزم من الحديث أن يكون عمر أفضل من أبي بكر لأن المراد بالأفضل الأكثر ثواباً والأعمال علامات للثواب فمن كان دينه أكثر فثوابه أكثر وهو خلاف الإجماع قلت لا يلزم إذ القسمة غير حاصرة لجواز قسم رابع سلمنا انحصار القسمة لكن ما خصص القسم الثالث بعمر ولم يحصره عليه سلمنا بالتخصيص به لكنه معارض بالأحاديث الدالة على أفضلية الصديق بحيث تواتر القدر المشترك منها ومثله يسمى بالمتواتر من جهة المعنى فدليلكم آحاد ودليلنا متواتر. سلمنا التساوي بين الدليلين لكن الإجماع منعقد على أفضليته وهو دليل قطعي وهذا دليل ظني والظن لا يعارض القطع وهذا الجواب يستفاد من نفس تقدير الدليل وهذه قاعدة كلية عند أهل المناظرة في أمثال هذه الإيرادات

<<  <  ج: ص:  >  >>