للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حجك بفتح الباء وضمها لازمين وبر الله حجك وأبر الله حجك أي قبله فله أربع استعمالات. فإن قلت فلم عرف الجهاد ونكر الإيمان والحج. قلت لا فرق بين مؤدى المعرفة بالتعريف الجنسي ومؤدى النكرة ولقرب المسافة بين أن يعرف الاسم بهذا التعريف وبين أن يترك غير معرف به يعامل معرفه معاملة غير المعرف قال:

ولقد أمر علي اللئيم يسبني

والمعنى ولقد أمر علي لئيم يسبني ولذلك يقدر يسبني وصفاً لا حالاً هذا من جهة النحو وأما من جهة المعاني فهو أن الإيمان والحج لا يتكرر وجوبه بخلاف الجهاد فإنه قد يتكرر فالتنوين للأفراد الشخصي والتعريف للكمال إذ الجهاد لو أتى به مرة مع الاحتياج إلى التكرار لما كان أفضل والله أعلم. النووي: الأفضل في هذا الحديث بعد الإيمان الجهاد وفي حديث ابن مسعود بدأ بالصلاة لتقدمتها وفي حديث أبي ذر لم يذكر الحج وفي الحديث الآخر (أي الإسلام أفضل قال من سلم المسلمون من لسانه ويده) وفي الآخر (أي الإسلام خير قال أن تطعم الطعام) قال العلماء اختلاف الأجوبة في هذه الأحاديث لاختلاف الأحوال فأعلم كل قوم بما بهم الحاجة إليه دون ما لم تدع حاجتهم إليه أو ذكر ما لم يعلمه السائل وأهل المجلس وترك ما علموه ولهذا أسقط ذكر الصلاة والزكاة والصيام في حديث الباب ولاشك أن الثلاث مقدمات على الحج والجهاد. فإن قيل كيف قدم الجهاد على الحج مع أن الحج من أركان الإسلام والجهاد فرض كفاية فالجواب أن الجهاد قد يتعين كسائر الكفايات وإذا لم يتعين لم يقع إلا فرض كفاية وأما الحج فالواجب منه حجة واحدة وما زاد نفل فإن قابلت واجب الحج بمتعين الجهاد كان الجهاد أفضل لهذا الحديث ولأنه شارك الحج في الفرضية وزاد بكونه نفعاً متعدياً إلى سائر الأمة ولكونه ذبا عن بيضة الإسلام أو لكونه كان في أول الإسلام ومحاربة أعدائه وقد قيل ثم هنا للترتيب في الذكر كقوله: تعالى (ثم كان من الذين آمنوا) وقيل ثم لا تقتضي ترتيباً وإن قابلت نفل الحج بغير متعين الجهاد كان الجهاد أفضل لما أنه يقع فرض كفاية وهو أفضل من النفل بلا شك بل قال إمام الحرمين في كتابه الغياثي فرض الكفاية عندي أفضل من فرض العين من حيث أن فعله مسقط للحرج عن الأمة بأسرها وبتركه يعصي المتمكنون منه كلهم ولاشك في عظم وقع ما هذه صفته. القفال: وجه الجمع أن ذلك اختلاف جواب جرى على حسب اختلاف الأحوال فإنه يقال خير الأشياء كذا ولا يراد أنه خير من جميع الوجوه في جميع الأحوال والأشخاص بل في حال دون حال ونحوه أو أن المراد من أفضل كذا أو من خيرها أو من خيركم فحذفت من وهي مرادة كما يقال فلان أعقل الناس أي من أعقلهم ومن جملتهم ومنه قوله: صلى الله عليه وسلم (خيركم خيركم

<<  <  ج: ص:  >  >>