هذا السؤال دليل على أن الفكر لفظ مجمل بين الكفر بالله والكفر بالله والكفر الذي للعشير ونحوه إذ الاستفسار دليل الإجمال. قوله:(يكفرن العشير) لم يعد كفران العشير بالباء كما عدى الكفر بالله لأنه ليس متضمناً معنى الاعتراف بخلافه ويكفرن الإحسان لأنه بيان لقوله: يكفرن العشير إذ المقصود كفران إحسان العشير لا كفران ذاته والعشير المراد به هنا الزوج لأنه يعاشرها وتعاشره أكثر من غيرها ولأن قرينة السياق تدل عليه وكفرانهن سترهن نعمة الأزواج عليهن وغمطها ولا يمتنع حمله على جنس المعاشرة وعلى عمومه فاللام أما للعهد وأما للجنس وأما للاستغراق. فإن قلت أيهما الأصل في اللام. قلت الجنس وهو الحقيقة فيحمل عليها إلا إذا دلت قرينة على التخصيص أو التعميم فتتبع القرينة حينئذ وهذا حكم عام لهذه اللام في جميع المواضع. قوله:(إن أحسنت) وفي بعضها لو أحسنت. فإن قلت لو لامتناع الشيء لامتناع غيره فكيف صح هنا هذا المعنى. قلت هو هنا بمعنى إن أي لمجرد الشرطية ومثله كثير ويحتمل أن يكون من قبيل (نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه) بأن يكون الحكم ثابتاً على النقيضين والطرف المسكوت عنه أولى من المذكور. و (الدهر) منصوب على الظرفية وهو بمعنى الأبد والمراد منه دهر الرجل أي مدة عمره ويحتمل أيضاً مدة بقاء الدهر مطلقاً على سبيل الفرض مبالغة في كفرانهن وسوء مزاجهن وليس المراد بهذا الحديث مخاطباً خاصاً بل كل من يتأتى منه أن يكون مخاطباً به وهذا على سبيل التجوز إذ أصل وضع الضمير أن يكون مستعملاً لمعين مشخص. فإن قلت لو لم يكن عاماً لما جاز استعماله في كل مخاطب كزيد مثلاً حقيقة قلت عام باعتبار أمر عام لمعنى خاص بخلاف العلم فإنه خاص بالاعتبارين وههنا قاعدة كثيرة النفع غزيرة الفوائد وهي أن اللفظ قد يوضع وضعاً عاماً لأمور مخصوصة كاسم الإشارة فإنه وضع باعتبار المعنى العام الذي هو الإشارة الحسية للخصوصيات التي تحته أي التي لكل واحد مما يشار إليه ولا يراد به عند الاستعمال العموم على سبيل الحقيقة وقد يوضع وضعاً عاماً لموضوع له عام نحو الرجل فلا يراد به خاص حقيقة وهو عكس الأول وقد يوضع وضعا ًخاصاً لموضوع له خاص نحو العلم وملخصه أن للواضع ثلاثة أقسام من الموضوعات وضع باعتبار عام لموضوع له عام نحو الرجل ووضع باعتبار عامل موضوع خاص نحو اسم الإشارة ووضع باعتبار خاص لموضوع خاص نحو زيد والمضمرات من القسم الأوسط فإذا أريد عند الاستعمال بالضمير الذي أحسنت مخاطب معين كان حقيقة لأنه على وفق وضعه وإذا أريد به كل من يصح منه كونه محسناً كان مجازاً ومثله قوله: تعالى (ولو ترى