للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِى عَنَاقاً كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَاّ

ــ

ثابتين على الدين مقيمين الصلاة ثم أنهم كانوا مؤولين في منع الزكاة محتجين بقول الله تعالى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم) فإن التطهير ونحوه معدوم في غيره صلى الله عليه وسلّم وكذا صلاة غيره ليست سكناً ومثل هذه الشبهة يوجب العذر لهم والوقوف عن قتالهم والجواب أن المخالفين كانوا صنفين صنف ارتدوا كأصحاب مسيلمة وهم الذين عناهم بقوله وكفر من كفر وصنف أقروا بالصلاة وأنكروا الزكاة وهؤلاء على الحقيقة أهل البغي وإنما لم يدعوا بهذا الاسم خصوصاً بل أضيف الاسم على الجملة إلى الردة إذا كانت أعظم خطباً وصار مبدأ قتال أهل البغي مؤرخاً بأيام علي رضي الله عنه إذا كانوا منفردين في عصره لم يختلطوا بأهل الشرك فإن قيل لو كان منكر الزكاة باغياً لا كافراً لكان في زماننا أيضاً كذلك لكن كافر بالإجماع قلنا الفرق أنهم إنما عذروا فيما جرى منهم لقرب العهد بزمان الشريعة الذي كان يقع فيه تبديل الأحكام ولوقوع الفترة بموت رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكان القوم جهالاً بأمور الدين قد أضلتهم الشبهة وأما اليوم فقد شاع أمر الدين واستفاض العلم بوجوب الزكاة حتى عرفه الخاص والعام فلا يعذر أحد بتأويله وكان سبيلها سبيل الصلوات الخمس ونحوها فوفي الصنف الثاني عرض الخلاف ووقعت المناظرة فقال عمر بظاهر الكلام قبل أن ينظر في آخره وقال أبو بكر إن الزكاة حق المال أي هي داخلة تحت الاستثناء بقوله إلا بحقه ثم قاسه على الصلاة لأن قتال الممتنع عن الصلاة كان بالإجماع ولذلك رد المختلف فيه إلى المتفوق عليه والعموم يخص بالقياس مع أن هذه الروية مختصرة من الروايات المصرحة بالزكاة فيها بقوله (حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة) وأما اختصاره فلأنه قصد به حكاية ما جرى بين الشيخين ولم يقصد ذكر جميع القصة اعتماداً على علم المخاطبين بها أو اكتفاء بما هو الغرض منه في تلك الساعة وقال: الخطاب في كتاب الله تعالى ثلاثة أقاسم خطاب عام لقوله تعالى (إذا قمتم إلى الصلاة) وخاص بالرسول كقوله تعالى (فتهجد به نافلة لك) حيث قطع التشريك بقول نافلة لك وخاطب مواجه للنبي صلى الله عليه وسلّم وهو وجميع أمته في المراد منه سواء كقوله تعالى (أقم الصلاة فعلى القائم بعده بأمر الأمة أن يحتذى حذوه في أخذها منهم وأما التطهير والتزكية والدعاء من الإمام لصاحبها فإن الفاعل فيها قد ينال ذلك كله

<<  <  ج: ص:  >  >>