للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدنيا والخضرة عبارة عن الحسن وهي من أحسن الألوان ,الخطابي: يريد ان صورة الدنيا حسنة المنظر مونقة تعجب الناظر ولذلك أنث اللفظين والعرب تسمى الشيء المشرق خضرا تشبيها له بالنبات الأخضر وقيل انما سمى الخضر خضرا لحسنه ولاشراق وجهه قال وسقط في الكلام من الرواية ما يقتل وهو مثل ضربه الرسول صلى الله عليه وسلم والمعنى أن مرعى الربيع ونباته ناعم تستحيله الماشية فتستكثر منه فتنتفخ بطونها وربما كان سببا لهلاكها وذلك ولكن الاقتصاد فيه هو المحمود قال ومعنى مثل المستكثر من الدنيا الحريص عليها وآكلة الخضر مثل المقتصد في طلب الدنيا القانع منها بقدر الكفاية والخضر هو من كلأ الصيف ولا تستكثر منه الماشية وانما ترفع منه شيئا فشيئا وجعل ما يون من ثلطها وبولها لاخراج ما يصرفه من المال في الحقوق ووضعه فيها والحاصل أن جمع المال غير محرم ولكن الاستكثار منه والخروج عن حد الاقتصاد ضار أن الاستكثار من المأكل مسقم من غير تحريم للأكل "يلم" يقرب أو يسرع أن يكون منه التلف أقول ومن تمام التشبيه أن يقال إن المعطي للمسكين كآكلة الخضر لا مضرة له بل ينتفع به وان الحريص الذي يأخذ بغير حقه كآكل ما يقتل وأما قوله سقط كلمة"ما" فهو غير مسلم لصحة أن يقال ان بعض ما ينبت الربيع يقتل وقد قال الزمخشري في قوله تعالى"وهبنا له من رحمتنا" أي بعض رحمتنا وأعطى في كثير من الواضع غيره للحرف حكم الاسم الذي هو متعلق معناه قال وفيه الحض على الاقتصاد في المال والحث على الصدقة وترك الامساك. قال ابن بطال: يعني أن المال يعجب الناظرين اليه ويحلو في أعيانهم فيدعوهم حسنة الى الاستكثار منه فاذا فعلوا ذلك تضرروا منه كالماشية اذا استكثرت من المرعى ثلطت أقول فلا يبقى على هذا التقدير لاستثناء آكلة الخضر معنى لشمول التضرر والمام الهلاك لهم أيضا وقال خضرة لم يأوت على الصفة وانما أتى على سبيل التشبيه كأنه قال ان هذا المال كالبقلة الخضرة وتقول أن هذا السجود حسنة كأنك قلت هو فعلة حسنة. أقول فهذا توجيه ثالث لتقري التأنيث في اللفظين وله وجه رابع وهو أن تكون التاء للمبالغة نحو رجل راوية وعلامة. قال وفيه جواز ضرب الامثال وان كان لفظها بالكلام الوضيع كالبول ونحوه واعتراض التلميذ على العالم في الأشياء المجملة حتى يتبين معناها وفيه أن السؤال اذا لم يكن في موضعه ينكر على سائله وان العالم اذا سئل يمطل بالجواب حتى تنكشف المسألة ممن فوقه من العلماء كما فعل صلى الله عليه وسلم في سكوته حتى استطلعها من قبل الوحي وفيه ان كسب المال من غير حله غير مبارك له فيه والله رفع عنه البركة كما قال

<<  <  ج: ص:  >  >>