ابْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ
ــ
التقرب إلى الله تعالى كصدقة وصلة رحم وإعتاق ثم أسلم يكتب له كل ذلك ويثاب عليه إذا مات على الإسلام دليله حديث أبي سعيد الذي رواه الدارقطني فهو نص صريح فيه وحديث حكيم ظاهر فيه وهذا أمر لا يحيله العقل وقد ورد الشرع به فوجب قبوله وأما دعوى كونه مخالفاً للأصول فغير ظاهر وأما قول الفقهاء لا تصح العبادة من الكافر فلو أسلم لم يعتد بها فمرادهم أنه لا يعتد بها في أحكام الدنيا وليس فيه تعرض لثواب الآخرة وقد يعتقد ببعض أفعاله في الدنيا فقد قال الفقهاء إذا لزم الكافر كفارة ظهار أو غيرها فكفر في حال كفره أجزأه ذلك واختلفوا فيما لو أجنب واغتسل في كفره ثم أسلم هل يلزمه إعادة الغسل فقال بعض أصحابنا يصح منه كل طهارة وإذا أسلم صلى بها. قوله:(زيد بن أسلم) بصيغة التفضيل من السلامة هو أبو أسامة القرشي المكي التابعي مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وأما (عطاء بن يسار) بالمثناة التحتانية والسين المهملة هو أبو محمد المدني الهلالي مولى ميمونة أم المؤمنين وقد مر ذكرهما في باب كفران العشير وهذا الإسناد مسلسل بلفظ الأخبار على سبيل الانفراد وهو القراءة على الشيخ إذا كان القارئ وحده وهذا عند من فرق بين الأخبار والتحديث وبين أن يكون معه غيره أو لا يكون. قوله:(يقول) فإن قلت لم عدل عن لفظ الماضي إلى المضارع مع أن القضية ماضية ومع أنه هو المناسب لسمع. قلت لغرض الاستحضار كأنه يقول الآن وكأنه يريد أن يطلع الحاضرين على ذلك القول مبالغة في تحقق الوقوع وذلك كقوله: تعالى (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) حيث لم يقل فكان. قوله:(فحسن) عطف على اسلم وجزاء الشرط يكفر الله ويجوز فيه الرفع والجزم نحو:
إذا أتاه خليل يوم مسغبة يقول لا غائب مالي ولا حرم
وعند الجزم يلتقي الساكنان فيحرك بالكسر والرواية إنما هي بالرفع ومعنى حسن إسلام المرء الدخول فيه بالظاهر والباطن جميعاً يقال في عرف الشرع حسن إسلام فلان إذا دخل فيه حقيقة وقال ابن بطال معناه ما جاء في حديث جبريل الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه أراد مبالغة الإخلاص لله سبحانه بالطاعة والمراقبة له. النووي: معنى حسنة أنه يسلم غسلاماً محققاً بريئاً من الشكوك. قوله:(يكفر الله) الكفر التغطية وهي في المعاصي كالإحباط في الطاعات. قال الزمخشري التكفير إماطة المستحق من