يتناولهما اسم الإيمان والإسلام جميعاً. وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح ما في الحديث بيان لأصل الإيمان وهو التصديق الباطن والأصل الإسلام وهو الاستسلام والانقياد الظاهر ثم أن اسم الإيمان يتناول ما فسر به الإسلام وسائر الطاعات لكونها ثمرات التصديق الباطن الذي هو أصل الإيمان ولهذا فسر الإيمان في حديث الوفد بما هو الإسلام هنا واسم الإسلام يتناول أيضاً ما هو أصل الإيمان وهو التصديق الباطن ويتناول الطاعات فإن ذلك كله استسلام فتحقق مما ذكرنا أنهما يجتمعان ويفترقان. قوله:(الإحسان) وهو هنا بمعنى الإخلاص. الطيبي: الإحسان يقال على وجهين الإنعام على الغير نحو أحسن إلى فلان والثاني الإحسان في الفعل وذلك إذا علم علماً حسناً أو عمل عملاً حسناً ويجوز أن يحمل هنا على الأنعام وذلك لأن المرائي يبطل عمله فيظلم نفسه فقيل له أحسن إلى نفسك واعبد الله كأنك تراه وإلا فتهلك وعلى المعنى الثاني كما في قوله: تعالى (إنا نراك من المحسنين) أي المجيدين المتقنين في تعبير الرؤيا كأنه سأل ما الإجادة والإتقان في حقيقة الإيمان والإسلام فأجاب بما ينبئ عن الإخلاص. قوله:(كأنك) فإن قلت كأن ما محله من الإعراب. قلت حال من الفاعل أي تعبد الله مشبهاً بمن يراه. فإن قلت فإنه يراك لا يصح جزاء للشرط لأنه ليس مسبباً عنه. قلت إما أن تقدر فإن لم تكن تراه فاعبد أو اعتبر أنت أو أخبر بأنه يراك كما يقال في إن أكرمتني فقد أكرمتك أمس أن المراد أن تعتد بإكرامك فأعتد بإكرامي أو فان تخبر بذاك فأخبر بهذا وهو قول النحوي وإما أن تقدر فإن لم تكن تراه فلا تغفل فإنه يراك فإن رؤيته مستلزمة لأنه لا يغفل عنه يعني أنه مجاز في كونه جزاء والمراد لازمه وهو قول البياني. النووي: هذا أصل عظيم من أصول الدين وقاعدة مهمة من قواعد الإسلام وهو عمدة الصديقين وبغية السالكين وكنز العارفين ودأب الصالحين وتلخيص معناه أن تعبد الله عبادة من يرى الله ويراه الله فإنه لا يستبقي شيئاً من الخضوع والإخلاص وحفظ القلب والجوارح ومراعاة الآداب ما دام في عبادته (فإن لم تكن تراه فإنه يراك) يعني إنك إنما تراعي الأدب إذا رأيته ورآك لكونه يراك لا لكونك تراه وهذا المعنى موجود وإن لم تره لأنه يراك وحاصله الحث على كمال الإخلاص في العبادة ونهاية المراقبة فيها وقال هذا من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم وقد ندب أهل الحقائق إلى مجالسة الصالحين ليكون ذلك مانعاً من تلبسه بصفة من