الأشراط جمع وأقله ثلاثة على الأصح ولم يذكر هنا إلا اثنان. قلت إما أنه ورد على مذهب أن أقله اثنان أو حذف الثالث لحصول المقصود بما ذكر كما يقال أيضاً في الآية الكريمة المذكورة آنفاً فإن قلت لم ذكر جمع القلة والعلامات أكثر من العشرة في الواقع قلت جاز لأنه قد تستعرض القلة للكثرة والعكس أو لفقد جمع الكثرة للفظ الشرط أو لأن الفرق بالقلة والكثرة إنما هو في المنكرات لا في المعارف. قوله:(ربها) أي مالكها وسيدها قال الأكثرون هو إخبار عن كثرة السراري وأولادهن فإن ولدها من سيدها بمنزلة سيدها لأن مال الإنسان صائر إلى ولده غالباً وقد يتصرف فيه في حياته تصرف المالكين إما بتصريح أبيه له بالإذن وإما لعلمه بقرينة الحال أو عرف الاستعمال وقيل معناه أن الإمائة يلدن الملوك فتكون أمة من جملة رعيته وهو سيدها وسيد غيرها من رعيته وولي أمورهم وقيل معناه أنه يفسد أحوال الناس فيكثر بيع أمهات الأولاد في آخر الزمان فيكثر تردادها في أيدي المشترين حتى يشتريها ابنها ولا يدري وعلى هذا القول لا يختص بأمهات الأولاد بل يتصور في غيرهن فإن الأمة قد تلد حراً من غير سيدها بوطء شبهة أو ولداً رقيقاً بنكاح أو زنا ثم تباع الأمة في الصورتين بيعاً صحيحاً وتدور في الأيدي حتى يشتريها ابنها. فإن قلت كيف أطلق الرب على غير الله تعالى وقد ورد النهي بقوله: صلى الله عليه وسلم (ولا يقل أحدكم ربي وليقل سيدي ومولاي) قلت هذا من باب التشديد والمبالغة أو الرسول مخصوص منه. قوله:(رعاة) بضم الراء جمع راع كقضاة وقاض وفي بعضها رعاء بكسرها جمع أيضاً كتاجر وتجار. و (البهم) بضم الباء جمع الأبهم وهو الذي لا شية له. النووي وروى بحرف الميم ورفعها فمن جر جعله وصفاً للإبل أي رعاء الإبل السود قالوا وهي شرها ومن رفع جعله صفة للرعاة أي الرعاة السود. الخطابي: معناه الرعاة المجهولون الذين لا يعرفون جمع البهيم ومنه أبهم الأمر فهو مبهم إذا لم تعرف حقيقته ولذلك قيل للدابة التي لا شية في لونها بهيم ومعناه أن أهل البادية من أهل الفاقة تنبسط لهم الدنيا حتى يتناهوا في إطالة البنيان يعني العرب تستولى على الناس وبلادهم ويزيدون في بنيانهم وهو إشارة إلى اتساع دين الإسلام كما أن العلامة الأولى أيضاً فيها إتساع الإسلام واستيلاء أهله على الكفر وسبي ذراريهم ومحصلة أن من أشراطها تسلط المسلمين على البلاد والعباد وقال القاضي البيضاوي: وذلك لأن بلوغ الأمر الغاية منذر بالتراجع المؤذن بأن القيامة ستقوم لامتناع شرع آخر بعده واستمرار سنته تعالى على أن لا يدع أبداً عباده سدى. قال ابن بطال معناه أن ارتفاع الأسافل من العبيد والسفلة الجمالين وغيرهم من علامات القيامة قال والبهم بفتح الباء خطأ لأنه مع ذكر الإبل إذ الفتح في الغنم مستعمل. الطيبي: المقصود أن علاماتها انقلاب الأحوال والقرينة الثانية ظاهرة في صيرورة الأذلة أعزة ملوك الأرض فتحمل القرينة الأولى إلى صيرورة الأعزة أذلة ألا ترى إلى الملكة بنت النعمان حين سبيت وأحضرت بين يدي سعد بن أبي وقاص كيف أنشدت: