الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين, وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد فلما كان أرقى العلوم قدرا وأشرفها ذكرا هو علم الحديث وكان أنفس التآليف في هذا الفن وأحلاها واجلها وأغلاها وأصحها وأغلاها هو صحيح أبي عبد الله البخاري رضي الله تعالى عنه الذي هو بلا مراء أول الكتب الصحيحة المعتمدة بعد كتاب الله -وعلى هذا أجمعت الأمة- وفضلا عن علو رتبته وعظيم منزلته قد تصدى لطبعه رجال-أثابهم الله بقدر صنيعهم- فمنهم من طبعه وأتقن تصحيحه, لكنه لم يتقن طبعه. ولم يحسن وضعه, فجاءت نسخهم خالية من الغلطات والسقطات إلا أنها لم تخل من هفوات مطبعية. مع سقم في الوضع, وسخف في الصنع. لا يتناسب وقيمة الكتاب الدينية والعلمية, والروحية, أيضا. ومنهم من جعل همه جمع الدينار والدرهم' ولم يراع جلال الكتاب وعظم قدره في النفوس فطبعه على أردإ الطبعات, وأسوأ الحالات غفر الله لي وله. قد رأينا أن نطبع هذا السفر الجليل. واخترنا له أدق الشروح وأعزرها مادة, وأجزلها فائدة وناهيك بالإمام ((الكرماني)) ذلك الإمام الجليل' والعلامة النبيل' من غواص على لآلئ المعاني ودرر الألفاظ. وقد عنينا بإتقان التصحيح وحسن الطبع, وجودة الورق ما ليس فيه زيادة لمستزيد. ولا أدل على ذلك من استيعاب الكتاب, ورؤية محاسنه والتمتع بمزاياه. وقد رقمنا الأحاديث لسهولة استخراجها والبحث عنها. كما أننا أعددنا فهرسا مطولا في آخر الكتاب, يستطيع به الباحث الكشف عمّا يريد والوصول إلى ما يبتغي. واستوعبنا في فهارس الأجزاء سائر الكتب والأبواب.