للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْ شَىْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلَاّ رَأَيْتُهُ فِى مَقَامِى حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَأُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِى قُبُورِكُمْ، مِثْلَ - أَوْ قَرِيباً لَا أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُقَالُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا

ــ

والنار مثلاً له وأزال الحجب بينه وبينهما كما فرج له عن المسجد الأقصى حين وصفه بمكة للناس وقد تقرر في علم الكلام أن الرؤية أمر يخلقه الله تعالى في الرائي وليست مشروطة بمقابلة ولا مواجهة ولا خروج شعاع وغيره بل هي شروط عادية جاز الانفكاك عنها عقلاً وأن تكون رؤية علم ووحي باطلاعه وتعريفه من أمورهما مفصلاً ما لم يعرفه قبل ذلك. فإن قلت هذا من أي نوع من الاستثناء وكيف وقع للفعل مستثنى. قلت هذا استثناء مفرغ وقال النحاة كل مفرغ متصل ومعناه كل شيء لم أكن أريته من قبل مقامي ههنا رأيته في مقامي هذا ورأيته في موضع الحال وتقديره ما من شيء لم أكن أريته كائناً في حال من الأحوال إلا في حال رؤيتي إياه وجاز وقوع الفعل مستثنى بهذا التأويل، فإن قلت لفظ الشيء أعم العام وقد وقع نكرة في سياق النفي أيضاً ولكن بعض الأشياء لا يصح رؤيته. قلت قال الأصوليون ما من عام إلا وقد خص إلا والله بكل شيء عليم والمخصص قد يكون عقلياً وعرفياً فخصصه العقل بما صحح رؤيته والعرف بما يليق أبصارهما به مما يتعلق بأمر الدين والجزاء ونحوهما. فإن قلت هل فيه دلالة على أنه صلى الله عليه وسلم رأى في هذا المقام ذات الله تعالى قلت نعم إذ الشيء يتناوله والعقل لا يمنعه والعرف لا يقتضي إخراجه ولفظ المقام يحتمل المصدر والزمان والمكان. قوله (حتى الجنة) بالنصب فحتى عاطفة عطفت الجنة على الضمير المنصوب في رأيته وفي بعضها بالجر فهي جارة، فإن قلت فعلى هذا التقدير هل تكون الجنة مبصرة. قلت الغاية في حتى لا يجب أن يكون حكم ما بعدها خلاف ما قبلها بل يجب أن لا يكون سيما إذا كانت بمعنى مع ويحتمل الرفع بأن تكون حتى ابتدائية أي حتى الجنة مرئية فهو نحو أكلت السمكة حتى رأسها في جواز الوجوه الثلاثة فيه. قوله (مثل أو قريب) هما بغير التنوين مضافان إلى فتنة المسيح. فإن قلت فكيف جاز الفصل بينهما وبين ما أضيفا إليه بأجنبي وهو قوله لا أدري أي ذلك قالت أسماء. قلت هي جملة معترضة مؤكدة لمعنى الشك المستفاد من كلمة أو والمؤكدة للشيء لا تكون أجنبية منه فجاز كما في قوله يا تيم تيم عدي. فإن قلت فهل يصح أن يكون لشيء واحد مضافان. قلت ليس ههنا مضافان بل

<<  <  ج: ص:  >  >>