النار فتغلبوني تقتحمون فيها. فإن قلت ما وجه تعلق هذا الحديث بقصة داود قلت المقصود ما بعده لكن ذكر الراوي معه كما سمعه منه أو أن متابعة الأنبياء موجبة للإخلاص كما أن هذا التحاكم خلاص الكبرى من تلبسها بالباطل ووباله في الأخرى وخلاص الصغرى من ألم فراق ولدها وخلاص الابن من القتل. قوله (الكبرى) أي للمرأة الكبرى. فإن قلت نقض سليمان حكم داود ولا يقال أن الأول كان خطأ ولا يجوز على النبي الحكم بالخطأ قلت قالوا أن حكماً بالوحي فحكومة سليمان ناسخة لحكومة داود وبالاجتهاد سليمان أصوب وأن على الصواب على أن الضمير في نقض يحتمل أن يكون راجعاً إلى داود وجاز النقض لدليل أقوى وقيل الصغائر جائزة عليه لا سيما بالسهو. فإن قلت لما اعترف الخصم بأن الحق لصاحبه فكيف جاز للقاضي أن يحكم بخلاف اعترافه قلت لعله علم بالقرينة أنها لا تريد حقيقة الإقرار أو كأنها أقرت بذلك على تقدير الشق وهذا كما قال الفقهاء إذا قال المقر للمقر له اجعله في الصندوق أو خذه أو زنه ونحوه فإنه لا يكون إقراراً. فإن قلت كيف جاز حكمه للصغرى قلت يمكن أنه ثبت عنده ما يقتضي الحكم وإما أن القرينة في دينه كالبينة. قوله (استدل سليمان بشفقة الصغرى على أنها أمه) وأما الكبرى فما كرهت ذلك بل إرادته لتشارك صاحبتها في المصيبة بفقد ولدها وأما داود فيحتمل أنه قضى للكبرى بشبه رآه فيها أو كان في شريعته الترجيح بالكبرى أو لكونه كان في يدها وكان ذلك مرجحاً في شرعه وأما سليمان فتوصل بطريق من الملاطفة إلى معرفة باطن القضية فأوهمها أنه يريد قطعه ليعرف من يشق قطعه عليها فلما قالت الصغرى ما قالت عرف أنها أمه ولم يكن مراده أن يقطعه حقيقة ولعله استقر الكبرى فأقرت به بعد ذلك للصغرى فحكم به لها بإقرار صاحبتها لا بمجرد الشفقة فإن قيل حكم المجتهد لا ينقض المجتهد فما وجهه فالجواب أن ذلك فتوى من ذلك لا حكماً ولعل في شرعهم جواز النقض والنسخ وأن سليمان فعل