فَحَلَبَ فِى قَعْبٍ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِى إِدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم يَرْتَوِى مِنْهَا، يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ، فَوَافَقْتُهُ حِينَ اسْتَيْقَظَ، فَصَبَبْتُ مِنَ الْمَاءِ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ - قَالَ - فَشَرِبَ، حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قَالَ «أَلَمْ يَانِ لِلرَّحِيلِ». قُلْتُ بَلَى - قَالَ - فَارْتَحَلْنَا بَعْدَ مَا مَالَتِ الشَّمْشُ، وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ، فَقُلْتُ أُتِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ «لَا تَحْزَنْ، إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا». فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَارْتَطَمَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا - أُرَى فِى جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ، شَكَّ زُهَيْرٌ - فَقَالَ إِنِّى
ــ
بالمدينة ويحتمل أن الداعي قال يثرب وأن أبا بكر رضي الله تعالى عنه عبر عنها بالمدينة إذ في حين الحكاية كانت تسمى بالمدينة و (اللبن) بفتح اللام وروى بضم اللام وسكون الموحدة أي شياه ذوات لبن و (القعب) القدح من الخشب و (الكثبة) بضم الكاف واسكان المثلثة قدر حلبة وقيل ملء القدح و (يرتوي) أي يستقي و (حين استيقظ) أي وافق اتياني وقت استيقاظه وفي بعضها حتى تأنيت به حتى استيقظ و (برد) بفتح الراء. وقال الجوهري: بضمها. فإن قلت كيف شربوا اللبن من الغلام ولم يكن هو مالكه قلت أنه على عادة العرب أنهم يأذنون للرعاة إذ مر بهم ضيف أن يسقوه أو كان ذلك لصديق لهم أو أنه مال حربي لا أمان له أو لعلهم كانوا مضطرين قوله (ألم يأن) أي ألم يأت وقت الارتحال و (سراقة) بضم المهملة وتخفيف الراء وبالقاف ابن مالك المدلجي أسلم بالجعرانة حيث انصرف رسول الله ? من حنين والطائف وقال له: كيف بك إذا لبست سواري كسرى ولما أتى عمر بسواريه ألبسه وقال له ارفع يديك وقال: الله أكبر الحمد لله الذي سلبهما كسرى وألبسهما سراقة و (أتينا) بلفظ المجهول و (ارتطمت) بالمهملة أي غاصت قوائمها في تلك الأرض الصلبة وارتطم في الوحل أي دخل فيه واحتبس