تخصيص لعموم الأوقات المؤقتة للصلوات الخمس بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفيه دليل أنه لا يجوز أن يصليها الحاج إذا أفاض من عرفات حتى يبلغها وأن عليه أن يجمع بينها وبين العشاء يجمع على ما سنه الرسول صلى الله عليه وسلم بفعله وبينه بقوله ولو أجزأته في غير ذلك المكان لما أخرها عن وقتها المؤقت لها في سائر الأيام وأقول ليس فيه دليل على أنه لا يجوز إذ فعله المجرد لا يدل إلا على الندب واللازمة في شرطية ولو أجزأته في غيره لما أخرها ممنوعة لأن ذلك كان لبيان جواز تأخيرها أو بيان ندبية التأخير إذ الأصل عدم الجواز. قال وفيه بيان أن لا صلاة بينهما ولا أذان لواحدة منهما ولكن يقام لكل صلاة منهما وفيه أن يسير العمل أذا تخلل بين الصلاتين غير قاطع نظام الجمع بينهما لقوله ثم أناخ ولكنه لا يتكلم بينهما. وأقول ليس فيه ما يدل على عدم قطع اليسير وعلى قطع الكثير بل يدل على عدم القطع مطلقا يسيرا أو كثيرا وكذا ليس فيه ما يدل على عدم جواز التكلم بينهما وهذا هو حكم جمع التأخير إذ لا يشترط فيه الولاء وأما مسئلة الأذان فقد ثبت في رواية جابر في حديثه الطويل في حجة الوداع أنه صلى الله عليه وسلم صلى بالمزدلفة المغربين بأذان واحد واقامتين وزيادة الثقة مقبولة وفي هذا الحديث ليس إلا عدم التعرض له لا التعرض لعدمه قال وأما وضوءه وتركه الإسباغ فإنما فعله ليكون مستصحبا للطهارة في مسيره إلى أن يبلغ جمعا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتآخى في عامة أحواله أن يكون على طهر وإنما لم يسبغها لأنه لم يفعل ذلك ليصلي بها ولهذا أسبغها حين أراد أن يصلي وفي وضوئه لغير الصلاة دليل على أن الوضوء في نفسه عبادة وقربة وأن لم يفعل لأجل الصلاة وكان صلى الله عليه وسلم يقدم الطهارة أذا أوى إلى فراشه ليكون مبيته على طهارة قال ابن بطال: ولم يسبغ الوضوء يريد منه أنه توضأ مرة وأنما فعل ذلك لأنه أعجله دفعة الحاج إلى المزدلفة فأراد أن يتوضأ وضوءا يرفع به الحدث لأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يبقى بغير طهارة وأما من فسر ولم يسبغ ثم استنجى فقط والمراد به وضوء الاستنجاء فقوله مدفوع بقول أسامة الصلاة يا رسول الله لأنه محال أن يقول له الصلاة ولم يتوضأ وضوء الصلاة وأقول له قول أسامة لا يدفعه لاحتمال أن يكون مراده تريد الصلاة فلم لا تتوضأ وضوء الصلاة الأتم بل الجواب الدافع لتفسيره هو أن يقال أذا كان للفظ معنى شرعي ومعنى لغوي