إنه نجس محتجاً بأنه ماء الذنوب فيقال له هذا مثل ضربه النبي صَلَّى الله عليه وسلّم أي كما ينغسل الدرن من الثوب كذلك تتحات الذنوب بالغسل ثم يقال على سبيل المعارضة إنه ليس بحساً بل هو طاهر مبارك لأنه الماء الذي كفر الله تعالى بالغسل به الخطايا وقد رفع الله ما كانت فهي هذه البركة عن النجاسة ثم الأمة أجمعوا أن الإنسان غير مأخوذ عليه بما يترشش عليه من الماء المستعمل ولو كان نجساً لوجب التحرز منه فهو طاهر وما لم يتغير طعمه ولا لونه ولا ريحه لم يؤثر الاستعمال في عينه فلم يؤثر في حكمه وهو طاهر لاقى جسماً طاهراً فجاز أن يسقط الفرض به مرة أخرى كالماء الذي غسل به ثوب طاهر فهو طاهر مطهر وأقول لا نسلم أنه إذا لم يؤثر في عينه لا يكون مؤثراً في حكمه وكيف لا وقد حصل له نوع من الكلال والضعف ثم الدليل عليه أن الصحابة فمن بعدهم ما كانوا يجمعون المياه المستعملة للاستعمال ثانياً ولو كانت طهوراً جمعوها كيلا يحتاجوا إلى التيمم. قال وفي الحديث دليل أن لعاب البشر لي بنجس ولا بقية شربه وذلك يدل على أن نهيه عليه السلام عن النفخ في الطعام والشراب ليس على سبيل أن ما تطاير فيه من اللعاب نجس وإنما هو خشية أن يتقذر الأكل منه فأمروا بالتأديب في ذلك وهذا التقذر الذي نهى عن النفخ من أجله مرتفع عن النبي صَلَّى الله عليه وسلّم بل كانت نخامته أطيب عند المسلمين من المسك لأنهم كانوا يتدافعون عليها ويدلكون بها وجوههم لبركتها وطيبها وأنها مخالفة لخلوف أفواه البشر وذلك لمناجاته الملائكة فطيب الله تعالى لهم نكهته صَلَّى الله عليه وسلّم قال وحديث أبي موسى يحتمل أن يكون أمر النبي صَلَّى الله عليه وسلّم بالشرب من الذي مج فيه والإفراغ على الوجوه والنحور من أجل مرض أو شئ أصابهما قال وهو حديث مختصر لم يذكر فيه اللذان أمرهما بذلك. وأقول المراد بهما بلال وأبو موسى رضي الله عنهما ولم يكن ذلك من أجل مرض أو شئ أصابهما بل لمجرد التيمن والتبرك به وهذا هو الظاهر وذكر الحديث بطوله في غزوة الطائف فتأمله ثمة. قوله (على بن عبد الله) أي ابن المديني الإمام تقدم في باب الفهم في العلم و (يعقوب بن إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي متوسطن بغداد وأبوه إبراهيم المذكور مات ببغداد تقدماً في كتاب الإيمان و (صالح) هو ابن كيسان يروى عن الزهري وهو أكبر سناً منه المدني التابعي مر في آخر قصة هرقل. قوله (محمود بن الربيع)