الطبري هو الماء السخين فعيل بمعنى مفعول ومنه سمى الحمام حماماً لا سخانه من دخله والمحموم محموماً لسخونة جسده وأجمع أهل العراق والحجاز على الوضوء به غير مجاهد فإنه كرهه وأما وضوء عمر رضي الله عنه من بيت نصرانية فلأنه كان يرى سؤرها طاهراً وقال ابن المنذر وما أعلم أحداً كره ذلك إلا أحمد وإسحاق تم كلامه. وهذا تعليق من البخاري بصيغة الجزم. فإن قلت ما وجه مناسبته بالترجمة. قلت عرض البخاري في هذا الكتاب لي منحصراً في ذكر متون الأحاديث بل يريد الإفادة أعم من ذلك وليذكر آثار الصحابة وفتاوى السلف وأقوال العلماء ومعاني اللغات وغيرها فقصد ههنا بيان التوضؤ بالماء الذي مسته النار وتسخن بها بلا كراهة دفعاً لما قال مجاهد وبالماء الذي من بيت النصرانية رداً لمن قال إن الوضوء بسؤرها مكروه ولما كان هذا الأخير الذي هو مناسب لترجمة الباب من فعل عمر ذكر الأمر الأول أيضاً وإن لم يكن مناسباً لها لاشتراكهما في كونهما من فعله تكثيراً للفائدة واختصاراً في الكتاب ويحمل أن يكون هذا قضية واحدة أي توضأ من بيت النصرانية بالماء الحميم ويكون المقصود ذكر استعمال سؤر المرأة النصرانية وذكر الحميم إنما هو لبيان الواقع فتكون مناسبته للترجمة ظاهراً. قوله (عبد الله) أي التنيسي وذكر الرواة كلهم تقدم قال البخاري أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر. قوله (الرجال) فإن قلت تقرر في علم الأصول أن الجمع المحلى بالألف واللام للاستغراق فما حكمه ههنا. قلت قالوا بعمومه إلا إذا دل الدليل على الخصوص وههنا القرينة العادية مخصصة بالبعض وقال الزمخشري وغيره من أهل العربية الألفاظ ليست في وضعها لا للعموم ولا للخصوص بل هي موضوعة للجنس وهما يستفادان من القرائن والأمور الخارجية التي تنضم إليها فهو محمول ههنا على الجنس. فإن قلت لا يصح التمسك به لأن فعل البعض ليس بحجة. قلت التمسك ليس بالإجماع بل بتقرير الرسول صَلَّى الله عليه وسلّم وقد تقرر في موضعه أن مثل كانوا يفعلون سيما إذا قيد بزمن الرسول صَلَّى الله عليه وسلّم أو بحياته حجة. فإن قلت لم لا يكون من باب الإجماع السكوتي وهو حجة عند الأكثر. قلت لأنه لا يتصور الإجماع إلا بعد وفاة الرسول صَلَّى الله عليه وسلّم. قوله (جميعاً) أي مجتمعين. الجوهري: الجميع ضد المتفرق. فإن قلت كيف دل على الترجمة فإنها مركبة من جزءين: قلت يدل على الأمر الأول صريحاً وعلى الثاني