ولا قدر ولكن أمر بين الأمرين أي بخلق الله وكسب العبد وهو قول الأشعرية فغن قلت لا يخلو أن تكون أفعال العبد بقدرته أم لا إذ لا واسطة بين النفي والإثبات فإن كانت بقدرته فهو الدقر الذي هو مذهب المعتزلة وإن لم يكن بها فهو الجبر المحض الذي هو مذهب الجهمية قلت للعبد قدرة فلا جبر وبها يفرق بين النازل من المنارة والساقط منها ولكن لا تأثير لها بل الفعل واقع بقدرة الله تعالى وتأثير قدرته فيه بعد تأثير قدرة العبد عليه وهذا هو المسمى بالكسب. فإن قلت القدرة صفة تؤثر على ووفق الإرادة فإذا نفيت التأثير عنها فقد نفيت القدرة لانتفاء الملزوم عند انتفاء لازمه قلت هذا التعريف غير جامع لخروج القدرة الحادثة عنه بل التعريف الجامع لها صفة يترتب عليها الترك عادة. قوله {ما ننزل الملائكة} بالنون ونصب الملائكة فهو استشهاد لكون نزول الملائكة بخلق الله وبالتاء المفتوحة والرفع فهو لكون نزولهم بكسبهم وتمام الآية {وما كانوا منظرين إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} وفيه أن الله تعالى هو حافظ القرآن أو محمد صلى الله عليه وسلم من شر الناس لا هو صلى الله عليه وسلم وقال تعالى {ليسأل الصادقين} أي الأنبياء المبلغين المؤدين للرسالة عن تبليغهم والتفسير بهم إنما هو بقرينة السابق عليه وهو قوله تعالى {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا} وهو لبيان الكسب حيث أسند الصدق إليهم والميثاق ونحوه وقال تعالى {والذي جاء بالصدق وصدق به} وهو أيضا للكسب إذ أضيف التصديق إلى المؤمن لا سيما وأضاف العمل أيضا إلى نفسه حيث قال عملت أعلم أن الكسب له جهتان فأثبتهما بالآيات وقد اجتمع في كثير من الآيات نحو "يمدهم في طغيانهم يعمهون". قوله