دليل على أن إباحة التعري في الخلوة للغسل وغيره بحيث يأمن أعين الناس لأنهما من الذين أمرنا الله أن نقتدي بهداهم ألا ترى أن الله عاتب أيوب على جمع الجراد ولم يعاتبه على اغتساله عرياناً ولو كلف الله سبحانه وتعالى عباده الاستئثار في الخلوة لكان في ذلك حرج على العباد إلا أنه من الآداب وفي الأول دليل على جواز النظر إلى العورة عند الضرورة الداعية إليه من مداواة أو براءة من العيوب أو إثباتها كالبرص وغيره مما يتحاكم الناس فيها مما لابد يها من رؤية أهل البصر بها وفيه التعزير على من يعقل ومن لا يعقل كما جرى من موسى عليه السلام ي ضربه الحجر وإذا أكن أن يمشي بثوبه أمكن أن يخشى الضرب أيضاً وفيه جواز الحلف على الأخبار لحلف أبي هريرة وفي الثاني دليل على جواز الحرص على المال الحلال ولفضل الغنى لأنه سماه بركة تم كلامه. فإن قلت ما موضع الدلالة على الترجمة، قلت اغتسال موسى وحده عرياناً وهذا مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا. قوله (وعن أبي هريرة) هذا تعليق، فإن قلت لم قال أولا قال أبو هريرة وثانياً عن أبي هريرة. قلت إشارة إلى أن الأول تعليق بصيغة التصحيح لما فيه من الجزم والثاني تعليق بصيغة التمريض. قوله (أيوب) أي النبي المبتلى الصابر من ولد روم بضم الراء ابن العيص بكسر المهملة وسكون التحتانية وبالمهملة ابن اسحق بن إبراهيم صلوات الله وسلامه عليهم وكان عمره ثلاثاً وستين سنة ومدة بلائه سبع سنين وهو مبتدأ (ويغتسل) خبره والجملة في محل الجر بإضافة بين إليه وأصل بينا بين زيدت الألف لإشباع الفتحة والعامل فيه خبر. فإن قلت ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبله لأن فيه معنى الجزائية إذ بين متضمنة للشرط. قلت لا نسلم عدم عمله سيما في الظرف إذ فيه توسع أو العامل فيه خبر مقدر والمذكور مفسر له فإن قلت المشهور وجود إذ وإذا في جوابه. قلت كما أن إذا يقوم مقام الفاء في جزاء الشرط نحو قوله تعالى (وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون) تقوم الفاء مقام إذا في جواب بين فبينهما مقارنة. قوله (جراد) هو مما يفرق بين الجنس والواحد بالتاء نحو تمر وتمرة وفي بعض الروايات رجل جراد وسيجيء في كتاب الأنبياء إن شاء الله تعالى، قوله (يحنثي) من باب الافتعال بالحاء المهملة وبالمثلثة أي يرمي و (يلي) أي أغنيتني ولو قيل في مثل هذه المواضع بدل بلى نعم لا يجوز بل يكون ذلك كفراً فإن قلت الفقهاء لم يفرقوا بين بلى ونعم في الأقارير، قلت لأن الأقارير مبناها على العرف