ليناسب الأمرين المسجد والطهور و (الغنائم) جمع الغنيمة وهي مال حصل من الكفار بإيجاف خيل وركاب وفي بعضها المغانم الجوهري؛ الغنيمة والمغنم بمعنى واحد. قوله (الشفاعة) وهو سؤال فعل الخير وترك الضر عن الغير على سبيل الضراعة. فإن قلت الشفاعة ثابتة لسائر الأنبياء والأولياء. قلت المراد بها الشفاعة العظمى وهي المراد بالمقام المحمود وهي شفاعة عامة تكون في أهل المحشر حين يفزع الخلائق إليه صَلَّى الله عليه وسلّم. النووي: الشفاعة خمسة أقسام أولها مختصة بنبينا صَلَّى الله عليه وسلّم وهي الإراحة من هول الموقف وطول الوقوف والثانية في إدخال قوم الجنة بغير حساب والثالثة الشفاعة لقوم استوجبوا النار والرابعة فيمن دخل النار من المذنبين والخامسة الشفاعة في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها. قوله (عامة) أي لقومه وغيره من العرب والعجم والأسود والأحمر قال تعالى: (وما أرسلناك إلا كافة للناس) قال ابن بطال: فيه دليل على أن الحجة تلزم بالخير كما تلزم بالمشاهدة وذلك أن المعجزة باقية مساعدة للخير مبينة له رافعة لما يخشى من آفات الأخبار وهي القرآن الباقي وخص الله تعالى نبيه صَلَّى الله عليه وسلّم ببقاء معجزته لبقاء دعوته ووجوب قبولها على من بلغته إلى آخر الزمان وفيه ما خصه الله به من الشفاعة وهو أنه لا يشفع في أحد يوم القيامة إلا شفع فيه كما ورد قل يسمع اشفع تشفع ولم يعط ذلك من قبله من الأنبياء وأما الأرض فالذي خص به منها أنها جعلت طهوراً بالتيمم ولم يكن ذلك للأنبياء قبله وأما كونها مسجداً فلم يأت في أثر أنها منعت من غيره وكان عيسى عليه السلام يسبح في الأرض ويصلي حيث أدركته الصلاة فكأنه قال جعلت لي مسجداً وطهوراً وجعلت لغيري مسجداً ولم تجعل له طهوراً وفيه حيث قال فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل يعني يتيمم ويصلي دليل على تيمم الحضري إذا عدم الماء وخاف فوت الصلاة وعلى أنه لا يشترط التراب إذ قد تدركه في موضع من الأرض لا تراب عليها بل رمل أو جص أو غيرها النووي: احتج به أبو حنيفة ومالك في جواز التيمم بجميع أجزاء الأرض واحتج الشافعي وأحمد بالرواية الأخرى وهي وجعلت تربتها لنا طهوراً في أنه لا يجوز إلا بالتراب خاصةً وحملا ذلك المطلق على هذا المقيد وقال معنى جعلت مسجداً أن من كان قبلنا إنما أبيح لهم الصلوات في مواضع مخصوصة كالبيع والكنائس وقيل الذين كانوا قبلنا كانوا لا يصلون إلا فيما تيقنوا طهارته من الأرض وخصصنا نحن