أي أعمالاً فريضة (وشرائع) أي عقائد دينية (وحدوداً) أي منهيات ممنوعة (وسنناً) أي مندوبات وإنما فسرناها بذلك ليتناول الاعتقاديات والأعمال والتروك واجبة ومندوبة ولئلا تتكرر. قوله:(فسأبينها) أي فسأوضحها لكم إيضاحاً يفهمه كل واحد منكم. فإن قلت كيف أخر بيانها والتأخير عن وقت الحاجة غير جائز. قلت إنه علم أنهم يعلمون مقاصدها ولكنه استظهر وبالغ في نصحهم ونبههم على المقصود وعرفهم أقسام الإيمان مجملاً وأنه سيذكرها مفصلاً إذا تفرغ لها فقد كان مشغولاً بأهم من ذلك والغرض من هذه الحكاية بيان أن عمر كان قائلاً بأن الإيمان قول وفعل وكان قائلاً بزيادة الإيمان ونقصانه حيث قال استكملها ولم يستكملها لكن لقائل أن يقول لا يدل ذلك عليه بل على خلافه إذ قال إن للإيمان كذا وكذا فجعل الإيمان غير الفرائض وأخواتها فقال استكملها أي الفرائض ونحوها لا الإيمان فجعل الكمال لها لا للإيمان. قوله:(ليطمئن قلبي) هذا دليل ظاهر على قبول الزيادة ومعناه أنه إذا انضم عين اليقين إلى علم اليقين لا شك أن الإيمان يكون حينئذٍ أقوى. فإن قلت المناسب للسياق أن يذكر هذه الآية عند سائر الآيات. قلت تلك الآيات دلت على الزيادة صريحاً وهذه تلزم الزيادة منها ففصل بينها إشعاراً بالتفاوت. قوله:(معاذ) بضم الميم وبالذال المعجمة هو ابن جبل بن عمرو أبو عبد الرحمن الأنصاري الخزرجي المدني أسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة وشهد العقبة مع السبعين من الأنصار وشهد المشاهد كلها وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الله بن مسعود. روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وسبعة وخمسون حديثاً روى البخاري في صحيحه خمسة منها وأخذ يده رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا معاذ والله إني لأحبك وقال أنس جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد الأنصاري وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل" وقال "نعم الرجل معاذ بن جبل" وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام قاضياً به وهو أحد الذين كانوا يفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم ثلاثة من المهاجرين عمر وعثمان وعلي وثلاثة من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت توفي وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة في طاعون