التكثير ويكون ذكر البضع للترقي يعني أن شعب الإيمان أعداد مُبهمة ولا نهاية لكثرتها إذ لو أريد التحديد لم يهم ولو شرعت في معنى الحياء وفسرته بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استحيوا من الله قالوا إنا نستحي من الله يا رسول الله والحمد لله قال ليس ذلك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا وآثر الآخرة على الأولى فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء لقد حاولت أمراً عظيماً ثم ليذق من رزق الطبع السليم المستقيم معنى إفراد الحياء بالذكر بعد إدخاله في الشعب كأنه يقول هذه شعبة واحدة من شعبه فهل تحصل أو تحصي شعبه كلها هيهات إن البحر لا ينزف. قال محيي السنة: لما كان الحياء سبباً يمنعه عن المعاصي كالإيمان عُد الحياء شعبة من شعبه وإن لم يكن أمراً مكتسباً. وأقول هذا توجيه ثالث لتخصيص الحياء بالذكر. ثم قوله: وإن لم يكن أمراً مكتسباً ممنوع إذ ربما يكتسب لأن الأخلاق جائزة الاكتساب أو يكتسب استعماله على قانون الشرع هذا واعلم أن تعداد الشعب يمكن بطريق أضبط مما ذكر وأنتج من التكرار بأن يقال الإنسان لا يخلو من المبدأ والمعاد والمعاش وهي إما أن تتعلق بنفس الرجل فقط وتسمى بالنفسانية أو بغيره من خاصته وهم أهل منزله وتسمى المنزلية وإما بغيره من عامة الناس وتسمى بالبدنية. والنفسية إما باطنية وإما ظاهرية. والظاهرية إما قولية وإما فعلية. والمبدئية إما متعلقة بذات الله تعالى وهي تسعة وهي الإيمان بوجود الصانع وبالتوحيد الذي هو أصل صفات الجلال وبالصفات السبعة المسماة بصفات الإكرام وهي الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام وإما بفعل الله وحكمه وهي أربعة الإيمان بملائكته وكتبه ورسله وحدوث العالم. والمعادية أمهاتها ثمانية وهي البعث والوقوف والحساب والميزان والصراط والشفاعة والجنة والنار وما يتعلق بهما. والمنزلية كذلك ثمانية: التعفف عن السفاح وعقد النكاح والقيام بحقوقه والبر بالوالدين وتربية الأولاد وصلة الرحم وطاعة السادات والإحسان إلى المماليك. والمدنية أصولها أربعة عشر القيام بالإمارة واتباع الجنازة ومطاوعة أولي الأمر والمعاونة على البر وإحياء معالم الدين والأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وحفظ الدين بالقتل والقتال وحفظ النفس بالكف عن الجنايات وإقامة حدود الجراح وحفظ العقل بالمنع عن المسكرات والمجننات وحفظ المال بطلب الحقوق وأدائها وحفظ الأنساب بإقامة حدود الزنا وحفظ الأعراض بحد القذف والتعزير ودفع الضرر عن المسلمين. والظاهرية القولية خمسة التلفظ بالكلمة وصدق اللهجة وقراءة القرآن والتعلم والتعليم للشرائع. والظاهرية الفعلية مالية أو بدنية أو مركبة منهما عشرة: الطهارة وستر العورة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والقيام بأمر الجنائز والصيام والحج والوفاء بالنذر وتعظيم الأيمان وأداء الكفارات