عطف على فيغضب تعين فيه الرفع والسر في المسئلة أن المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى فخير العمل مادام وإن قلّ فغذا تحمّلوا مالا يطيقون الدوام عليه تركوه او بعضه بعد ذلك وصاروا في صورة ناقض العهد واللائق بطالب الىخرة الترقي فإن لم يكن فالبقاء على حاله ولأنّه إذا اعتاد من الطاعة ما يمكنه الدوام عليه دخل فيها بانشراح واسلتذاذ ونشاط لا يلحقه ملل ولا سآمة والأحاديث بمثله كثيرة. قوله ((أتقاكم)) إشارة إلى كمال القوة العقلية ((وأعلمكم)) إلى كمال القوة العلمية والتقوى على ثلاث مراتب وقاية النفس عن الكفر وهي للعامة وعن المعاصي وهي للخاصة وعمّا سوى الله وهي لخواص الخواص والعلم بالله يتناول ما بصفاته وهو المسمى بأصول الدين وما باحكامه وهو فروع الدين وما بكلامه وهو القرآن وما يتعلق به وبأفعاه وهو معرفة حقائق اشياء العالم ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جامعا لأنواع التقوى حاويا لأقسام العلوم ما خصص التقوى ولا العلم وأطلق وهذا قريب مما قال علماء المعاني قد يقصد بالحذف إفادة العموم والاستغراق ويعلم منه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كما انه أفضل من كل واحد وأكرم عند الله واكمل لأن مال الإنسان منحصر في الحكمتين العلمية والعملية وهو الذي بلغ الدرجة العليا والمرتبة القصوى منهما يجوز أن يكون أفضل واكرم واكمل من الجميع أيضاحيث قال اتقاكم واعلمكم خطابا للجميع صلى الله عليه وسلم. فإن قلت لا تعلق للحديث بالجزء الثاني من الترجمة وهو أن المعرفة فعل القلب ولا دلالة عليه لا دلالة وضعية ولا عقلية قلت يمكن أن يوجه وإن كان احتمالا بعيدا بأنه يدل عليه بحسب السياق ليتجاوب طرفا الكلامين أي لما ارادو أن يزيدوا اعمالهم على عمل رسول الله ٦ قال رسول الله٦ لهم لا يتهيأ لكم ذلك لأني أعلمكم والعلم من جملة الافعال بل اشرفها لانه عمل القلب وان يقال بأن غرضه أن يبين الشق الاول من الترجمة بالحديث والثاني بالقرآن وهنا ننبهك على قاعدة كلية فاعلمها وذلك أن البخاري رحمه الله كثيرا ما يترجم الأبواب ولا يذكر في ذلك حديثا أصلا أو لا يذكر ما ترجم الباب عليه قال بعض شيوخنا من حفاظ الشام سببه أن البخاري بوب الأبواب وترجم التراجم أولا ثم كان يذكر بعده في كل باب الأحاديث المناسبة له بالتدريج فلم يتفق له إثبات الحديث لبعض التراجم حتى انتقل إلى دار الآخرة وقال بعض العراقيين عمل ذلك اختيارا وغرضه أن يبين أنه لم يثبت عنده بشرطه حديث في المعنى الذي ترجم عليه والله أعلم فيحتمل أن تكون الترجمة منها. النووي: وفي الحديث فوائد منها أن العبارة الاولى فيها القصد وملازمة ما يمكن الدوام عليه وان الرجل الصالح