أي الأحول، قوله ((كذب)) فإن قلت: فما قول الشافعية حيث يقنتون بعد الركوع متمسكين بحديث أنس المذكور وقد قال الأصوليون إذا كذب الأصل الفرع لا يعمل بذلك الحديث ولا يحتج به قلت: لم يكذب أنس محمد بن سيرين بل كذب فلانا الذي ذكره عاصم ولعله غير محمد فإن قلت: فما تقول في الحصر المستفاد من إنما على الشهر إذ مفهومه أنه لم يقنت إلا شهرا بعد الركوع قلت: معناه أنه لم يقنت إلا شهرا في جميع الصلوات بعد الركوع بل في الصبح فقط حتى لا يلزم التناقض في كلامه ويكون جمعا بينهما ويدل عليه إطلاق لفظ القنوت وما جاء في بعض الروايات قال عاصم سألت أنسا عن القنوت في الصلاة أي مطلق الصلاة وما روى عن ابن عباس أنه قال قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو على رعل وذكوان وعصية بضم المهملة وفتح الصاد المهملة فقوله كذب على هذا التقدير معناه كذب فيما قال أنه بعد ركوع جميع الصلوات فإن قلت: لفظ قبله نص في أنه قبل الركوع فما جوابك عنه قلت: كان في بعض الأوقات قبله وفي بعضها بعده فنقل الأمران إلا أن الشافعي رجح بعده ليطابق حديث أبي هريرة الذي سيأتي أنه بعد رفع الرأس من الركعة الآخرة أو لما تعارض من حديث محمد وعاصم عن أنس وتساقطا عمل بحديث أبي هريرة فإن قلت: ذلك في الدعاء للمسلمين أو الدعاء على الكافرين لا في الألفاظ المشهورة، قلت: لا قائل بالفصل أو تقاس تلك الدعوات على هذه الدعوات قال ابن بطال اختلفوا في القنوت فقال مالك هو قبل الركوع وقال الشافعي بعده وذلك في الصبح وإذا حدث نازلة في غير الصبح أيضا وقال أحمد قبله وبعده روى عن أنس أن كل ذلك كان يفعله قبل وبعد وقال الكوفيون لا قنوت في شيء من الصلوات المكتوبة إنما القنوت في الوتر وقال الطبري الصواب في أن يقال صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت على قتلة القراء إما شهرا أو أكثر في كل صلاة مكتوبة وصح أيضا أنه لم يزل يقنت في صلاة الصبح حتى فارق الدنيا فيقول إذا نابت المسلمين نائبة كان القنوت حسنا في الصلوات كلها وإلا ففي الصبح قال ووجه اختيار مالك قبل الركوع ليدرك المستيقظ من النوم الركعة التي بها تدرك الصلاة ولذلك كان الوقوف في الصبح أطول