فيقول فلان منافق بل يشير إشارة كقوله: صلى الله عليه وسلم ما بال أقوام يفعلون كذا فههنا إشارة بالآية إليه حتى يعرف ذلك الشخص بها. أقول فلدفع الأشكال خمسة أوجه لأن اللام إما للجنس فهو إما على سبيل التشبيه أو أن المراد الاعتياد أو معناه الإنذار وإما للعهد إما من منافقي زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما منافق خاص بشخص بعينه وههنا وجه سادس للدفع وهو أن المراد بالنفاق النفاق العملي لا النفاق الإيماني إذ النفاق نوعان كما يستفاد من كلام الخطابي وأحسن الوجوه وهو السابع بأن يقال النفاق شرعي وهو ما يبطن الكفر ويظهر الإسلام وعرفي وهو ما يكون سره خلاف علنه وهذا هو المراد إن شاء الله تعالى. يحكى أن رجلاً من البصرة قدم مكة حاجا فجلس في مجلس عطاء بن أبي رباح فقال سمعت الحسن يقول من كان فيه ثلاث خصال لم أتحرج أن أقول أنه منافق فقال له عطاء إذا رجعت إلى الحسن فقل له إن عطاء يقرئك السلام ويقول لك ما تقول في بني يعقوب عليه السلام أخوة يوسف إذ حدثوا فكذبوا ووعدوا فأخلفوا وائتمنوا فخانوا أفكانوا منافقين فلما قال هذا للحسن سر الحسن به وقال جزاك الله خيراً ثم قال لأصحابه إذا سمعتم مني حديثاً فاصنعوا مثل ما صنع أخوكم حدثوا به العلماء فما كان منه صواباً فحسن وإن كان غير ذلك ردوا على جوابه وعن مقاتل بن حيان أنه سأل سعيد بن جبير عن هذا الحديث وقال هذه مسألة قد أفسدت علي معيشتي لأني أظن أني لا أسلم من هذه الثلاث أو من بعضها فضحك سعيد وقال أهمني ما أهمك فأتيت ابن عمر وابن عباس فقصصت عليهما فضحكا وقالا أهمنا والله يا ابن أخي مثل الذي أهمك من هذا الحديث فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم عنه فضحك وقال مالكم ولهن أما قولي إذا حدث كذب فذلك فيما أنزل الله على (والله يشهد أن المنافقين لكاذبون) وأما إذا وعد أخلف فذلك في قوله: تعالى (فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم على يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه) وأما إذا ائتمن خان فذلك فيما أنزل الله تعالى (إنا عرضنا الأمانة) وأنتم براء من ذلك. قوله:(حدثنا قبيصة) بفتح القاف والموحدة المكسورة والصاد المهملة (ابن عقبة) بالمهملة المضمومة والقاف الساكنة هو أبو عامر السوائي بضم السين المهملة وتخفيف الواو وكسر الهمزة بعد الألف الكوفي من بني عامر بن صعصعة وكان من عباد الله الصالحين قالوا سمع من سفيان صغيراً فلم يضبط منه كما هو حقه فهو حجة إلا فيما روي عن سفيان. قال النووي: ويكفي في جلالته احتجاج البخاري به في مواضع غير هذا وأما هذا الموضع فقد يقال إنما ذكره متابعة لا متأصلاً وأقول ليس ذكره في هذا الموضع على طريق المتابعة لمخالفة هذا الحديث ما تقدم لفظاً ومعنى من جهات كالاختلاف في ثلاث وأربع وكزيادة لفظ خالصاً وقال جعفر بن حمدويه: كنا على باب قبيصة ومعنا ابن مالك الجبل ومعه