ذاك إلا الإيمان. فإن قلت الوزن إنما يتصور في الأجسام دون الإجرام والإيمان معنى من المعاني لا جسمية فيه. قلت شبه الإيمان بالجسم فأضيف إليه ما هو من لوازم الجسم وهو الوزن ومثله يسمى استعارة بالكناية. فإن قلت تنكير إيمان يقتضي أن يكفي أي إيمان كان وبأي شيء كان لكن لابد من الإيمان بجميع ما علم مجيء الرسول به ضرورة حتى يوجب الخروج من النار. قلت الإيمان في عرف الشرع لا يطلق إلا إذا كان بجميع ما جاء به فلابد من ذلك حتى يتحقق حقيقة الإيمان ويصح إطلاقه وإنما ذكر بالتنوين التقليلي ترغيباً في تحصيله إذ لما حصل الخروج بأقل ما ينطلق عليه اسم الإيمان فبالكثير منه بالطريق الأولى. فإن قلت التصديق القلبي كاف في الخروج إذ المؤمن لا يخلد في النار وأما قول لا إله إلا الله فلا جراء أحكام الدنيا عليه فما وجه الجمع بينهما. قلت المسئلة مختلف فيها قال بعض العلماء لا يكفي مجرد التصديق بل لابد من القول والفعل أيضاً وعليه البخاري أو المراد من الخروج هو بحسب حكمنا به أي يحكم بالخروج لمن كان في قلبه إيمان ضاماً إليه غفرانه الذي يدل عليه إذ الكلمة هي شعار الإيمان في الدنيا وعليه مدار الأحكام فلابد منها حتى يصح الحكم بالخروج. فإن قلت لا يكفي قول لا إله إلا الله بل لابد من ذكر محمد رسول الله. قلت المراد المجموع وصار الجزء الأول منه علماً للكل كما يقال قرأت (قل هو الله أحد) أي قرأت كل السورة أو كان هذا قبل مشروعية ضمها إليه. قوله:(ذرة) بفتح الذال وشدة الراء واحدة الذر وهي أصغر النمل قيل وقد صحفها شعبة فضم الذال وخفف الراء وكان سببه المناسبة إذ هي من الحبوب أيضاً كالبرة والشعير والكلام من باب الترقي في الحكم وإن كان تنزلاً عن الشعيرة إلى البرة وعن البرة إلى الذرة. قال ابن بطال قال المهلب الذرة أقل الموزونات وهي في الحديث التصديق الذي لا يجوز أن يدخله النقص وما في البرة والشعيرة من الزيادة على الذرة فإنما هي زيادة من الأعمال يكمل التصديق بها وليست زيادة في نفس التصديق. فإن قيل لما أضاف هذه الأجزاء التي في الشعيرة والبرة الزائدة على الذرة إلى القلب دل أنها زائدة من التصديق لا من الأعمال والجواب أنه لما كان الإيمان التام إنما هو قول وعمل والعمل لا يكون إلا بنية وإخلاص من القلب جاز أن ينسب العمل إلى القلب إذ تمامه بتصديق القلب وقد عبر عن هذه الأجزاء من الأعمال مرة بالخير ومرة بالإيمان وكل شائع سائغ وقال غير المهلب