ترك صلاة بعد عشرين سنة يأثم في الحال لانّ العزم من أحكام الإيمان ويعاقب على العزم لا على ترك الصلاة والفرق بين الحسنة والسيئة أنّ بنية الحسنة يثاب الناوي على الحسنة وبنية السيئة لا يعاقب عليها بل على نيتها. فإن قلت من جاء بنية الحسنة فقد جاء بالحسنة ومن جاء بالحسنة ومن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فيلزم أنّ من جاء بنية الحسنة فله عشر أمثالها فلا يبقى فرق بين الحسنة ونفس الحسنة. قلنا لا نسلم أن من جاء بنية الحسنة فقد جاء بالحسنة بل يثاب على نية الحسنة فظهر الفرق. النووي: وقع الحديث هنا ثم في الإيمان مختصر وهو طويل مشهور ذكره البخاري في سبعة مواضع من كتابه فذكر ههنا ثم في الإيمان وفي النكاح والعتق والهجرة وترك الحيل والنذور وروى في الصحيح إنما الأعمال بالنيات وإنما الأعمال بالنية والأعمال بالنيّة والعمل بالنية قال واعلم أن مدار هذا الحديث على يحي ابن سعيد الأنصاري. قال الحفاظ لا تصح روايته عن النبيّ صلى الله عليه وسلم إلا من جهة عمر ولا من جهة عمر رضي الله عنه إلا من جهة علقمة ولا عن علقمة إلا من محمد بن إبراهيم ولا عن محمد بن إبراهيم إلا من يحي بن سعيد وعن يحي انتشر فرواه عنه أكثر من مائتي إنسان أكثرهم أئمة فهو حديث مشهور بالنسبة إلى آخره غريب بالنسبة إلى أوله وليس متواترا لعقد شرط التواتر في أوله ولكنه مجمع على صحته وعظم موقعه وجلالته وكثرة فوائده وهو أول الأحاديث التي عليها مدار الإسلام. قال الإمامان الشافعي وأحمد رضي الله عنهما: يدخل فيه ثلث العلم. قال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي: لان كسب العبد بقلبه ولسانه وجوارحه والنية أحد الأقسام الثلاثة وهي أرجحها لأنها تكون عبادة بانفرادها بخلاف القسمين الآخرين ولذلك كانت نية المؤمن خيرا من عمله لان القول والعمل يدخلهما الفساد بالرياء بخلاف النية. قال النووي في شرح مسلم تقدير الحديث أنّ الأعمال تحسب إذا كانت بنية ولا تحسب إذا كانت بلا نية. أقول وهذا وجه ثالث لتعلق لفظ بالنيات قال وفيه دليل على أن الطهارة وسائر العبادات لا تصح إلا بنية وأما إزالة النجاسة فالمشهور عندنا أنها لا تفتقر إليها لأنها من باب المتروك والمتروك لا يحتاج إلى نية وشذّ بعض أصحابها فأوجبها وهو باطل. أقول ليس بباطل بل هو الحق أما أولا فلان الترك أيضا فعل وهو كف النفس وثانيا بأن التروك إن أريد بها تحصيل الثواب وامتثال أمر الشارع لا بد فيها من قصد الترك امتثالا لأمر الشارع فتارك الزنا مثلا إن قصد تركه لامتثال الأمر يحسب ويثاب وإلا فلا. نعم في إسقاط العقاب لا حاجة إلى النية قال وقوله:((لكل امرئ ما نوى)) فائدته بيانا أن تعيين المنوي شرط فلا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة بل يشترط كونها ظهرا ولولاه تصح النية بلا تعيين أو أوهم ذلك وذكره المرآة مع الدنيا يحتمل وجهين أحدهما أنه جاء أن سبب هذا الحديث أن رجلا هاجر ليتزوج امرأة يقال لها أم قيس فقيل