وهو شأن الصالحين وعباد الله العارفين. الخطابي: حببت العزلة إليه لأنّ فيها فراغ القلب وهي معينة على التعبد وبها ينقطع عن مألوفات البشر ويخشع قلبه وهي من جمله المقدمات التي أرهصت لنبوته وجعلت مبادئ لظهورها. قوله:(بغار) الغار هو الثقب في الجبل وهو قريب من معنى الكهف و (حراء) بكسر الحاء وتخفيف الراء وبالمد جبل بينه وبين مكة ثلاثة أميال على يسار المسافر من مكة إلى منى وهو غير مصروف لأنه مذكّر ومنهم من أنثه ومنع صرفه وهذه قاعدة كليّة أن جعلت اللفظ علما للبقعة فهو غير مصروف وإن جعلته للمكان فهو منصرف. الخطابي: العوام يخطئون في حراء في ثلاثة مواضع يفتحون الحاء وهي مكسورة ويكسرون الراء وهي مفتوحة ويقصرون الألف وهي ممدودة. التيمي: العاملة لحنت في ثلاث مواضع فتح الحاء وقصر الألف وترك صرفه وهو مصروف في الاختبار لأنه اسم جبل وأقول إذا جمعنا بين كلاميهما يلزم اللحن في أربعة مواضع وهو من الغرائب إذ بعدد كل حرف لحن ولقائل أن يقول كسر الراء ليس بلحن لأنه بطريق الإمالة والله أعلم. قوله:(وهو (أي التحنث والضمير راجع إلى ما دل عليه لفظ فيتحنث وهو قوله: ((اعدلوا هو أقرب للتقوى)) والتحنث بالحاء المهملة والنون ثم الثاء المثلثة التعبد وحقيقته التجنب عن الحنث وهو الإثم فكان المتعبد يلقى الإثم عن نفسه بالعبادة. الخطابي: ونظيره في الكلام التحوب والتأثم أي ألقى الحوب والإثم عن نفسه قالوا وليس في كلامهم تفعل بهذا المعنى غير هذه وأقول هذه شهادة نفي وكيف وقد ثبت في الكتب الصرفية أن باب تفعل يجئ للتجنب كثيرا نحو تخرج وتخون أي اجتنب الحرج والخيانة وغير ذلك. التيمي: هذا من المشكلات ولا يهتدى إليه سوى الحذّاق وسئل ابن الأعرابي عن قوله: يتحنّث فقال لا أعرفه وسألت أبا عمرو الشيباني فقال لا أعرف يتحنث إنما هو يتحنف من الحنيفية. قوله:(الليالي) منصوب على الظرف والعامل فيه يتحنّث لا التعبد وإلاّ فسد المعنى فإنّ التحنّث لا يشترط فيه الليالي بل هو مطلق التعبّد وهذا التفسير اعترض بين كلام عائشة وهو أيضا من كلامها ظاهر. الطبي: ويحتمل أن يكون التفسير من قول الزهري أدرجه في الحديث وذلك من دأبه قال وأطلق الليالي وأراد بها الليالي مع أيامهن على سبيل التغليب لأنها أنسب للخلوة وذوات العدد عبارة عن القلة نحو دراهم معدودة , وأقول ويحتمل أن يراد بها الكثرة إذ الكثير يحتاج إلى العدد لا القليل وهو المناسب للمقام. فإن قلت التعبد في الغار أهو بسبب أنه كان صلى الله عليه وسلم متعبدا بشرع من قبله أم لا. قلت يحتمل أن يكون من الشرع السابق إذ المختار عند الأصوليين أنه