للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَاّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلَاءُ وَكَانَ

ــ

تدرك زمان وقوع هذه القصة ومرسل الصحابي حجة عند جميع العلماء إلا ما انفرد به الإسناد أبو إسحاق الإسفرايني الطيبي: الظاهر أنها سمعت من النبي صلى الله عليه وسلّم لقولها: قال فأخذني فغطّني فيكون قولها: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلّم حكاية ما تلفظ به صلوات الله عليه ((قل للذين كفروا سيغلبون)) بالياء والتاء. قوله: ((من الوحي)) كلمة من إما لبيان الجنس أو للتبعيض والرؤيا مصدر كالرجعي مصدر رجع ويختصّ برؤيا المنام كما اختصّ الرأي بالقلب والرؤية بالعين وفيه تصريح من عائشة رضي الله عنها بأنّ رؤيا النبي صلى الله عليه وسلّم من جملة أقسام الوحي وهذا متفق عليه. و ((الصالحة)) روى البخاري في كتاب التعبير الصادقة وهما هنا بمعنى والصالحة إمّا صفة موضحة للرؤيا لأن غير الصالحة تسمى بالحلم كما ورد الرؤيا من الله والحلم من الشيطان وإما مخصصة أي الرؤيا الصالحة لا الرؤيا السيئة أو لا الكاذبة المسماة بأضغاث أحلام والصلاح إما باعتبار صورتها وإمّا باعتبار تعبيرها قال القاضي عياض يحتمل أن يكون معنى الرؤيا الصالحة والحسنة حسن ظاهرها ويحتمل أن المراد صحتها قال ورؤيا السوء تحتمل الوجهين أيضا سوء الظاهر وسوء التأويل. قوله: ((لا يرى رؤيا)) لفظ رؤيا بغير تنوين لأنه مثل حبلى. و ((فلق الصبح)) وفرقه بفتح أولهما وثانيهما ضياؤه وإنما يقال هذا في الشيء البين الواضح قيل هو مصدر كالانفلاق والصحيح أنه بمعنى المفلوق وهو اسم للصبح وأضيف أحدهما إلى الآخر لاختلاف اللفظين وقد جاء الفلق منفردا عن الصبح قال تعالى ((قل أعوذ برب الفلق)) وقيل الفلق الصبح لكنه لما كان مستعملا في هذا المعنى وفي غيره أضيف إليه التخصيص والبيان إضافة العام إلى الخاص كقوله: م عين الشيء ونفسه وقال العلماء إنّما ابتدئ بالرؤيا لئلا يفجأه الملك ويأتيه بصريح النبوة بغتة فلا تحملها القوى البشرية فبدئ بأوائل خصال النبوّة وتباشير الكرامة من صدق الرؤيا وحب العزلة والتعبد ومواظبة الصبر عليه وحقيقة الرؤيا الصالحة أن الله تعالى يخلق في قلب النائم أو في حواسّه الأشياء كما يخلقها في اليقظان وهو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء لا يمنعه نوم ولا غيره عنه فربّما يقع ذلك في اليقظة كما رآه النبي صلى الله عليه وسلّم في المنام وربما جعل ما رآه علما على أمور أخر يخلقها في ثاني الحال أو كان قد خلقها فيقع ذلك كما جعل الله تعالى الغيم علامة للمطر. قوله: (الخلاء) بالمد هو الخلوة

<<  <  ج: ص:  >  >>