للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِى صُورَتِى، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّا مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ

ــ

أن التسمية بمحمد ممنوعة مطلقا سواء كانت له كنية أم لا وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تسمون أولادكم محمدا ثم تلعنونهم, قوله- ((فتدرآني)) - فإن قلت الشرط ينبغي أن يكون غير الجزاء سببا له متقدما عليه وههنا ليس كذلك, قلت قلت ليس هو الجزاء حقيقة بل لازمه نحو فليستبشر فإنه قد رآني وهي رؤيا ليس بعدها فإن الشرط والجزاء إذا اتحدا صورة دل على الكمال والغاية نحو من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ونحو من أدرك الضمان فقد أدرك المرعى أي أدرك مرعى متناهيا في بابه, فإن قلت ما معنى الرؤية فيه هل المراد منه حقيقة الرؤية أو غيرها, قلت قال القاضي الباقلاّني رؤياه صحيحة ليست بأضغاث أحلام ولا من تشبيهات الشيطان وقد يراه الرائي على خلاف صفته المعروفة كمن يراه أبيض اللحية وقد يراه شخصان في زمان واحد أحدهما في المشرق والآخر في المغرب ويراه كل منهما في مكانه وقال آخرون بل الحديث على ظاهره وليس لمانع أن يمنعه فإن العقل لا يحيله حتى يضطر إلى تأويل وأما قوله فإن قد يرى على خلاف صفته أو في مكانين فإنه تغيير في صفاته لا في ذاته فتكون ذاته مرئية وصفاته متخيلة والرؤية أمر يخلقه الله تعالى في الحي لا يشترط فيه المواجهة ولا تحديق الأبصار ولا كون المرئي ظاهرا بل الشرط كونه موجودا فقط حتى جاز رؤية أعمى بقة أندلس ولم يقم دليل على فناء جسمه صلى الله عليه وسلم بل جاء في حديث ما يقتضي بقاءه وقال أبو حامد الغزالي ليس معناه أنه رأى جسمي وبدني بل رأى مثالا صار ذلك المثال آلة ينادى بها المعنى الذي في نفسي إليه بل البدن في اليقظة أيضا ليس إلا آلة للنفس فالحق أن يراه مثال الحقيقة روحه المقدسة التي هي محل النبوة فما رآه من الشكل ليس هو روح النبي صلى الله عليه وسلم ولا شخصه بل هو مثال له على التحقيق أقول فله ثلاثة توجيهات وخير الأمور أوسطها, قوله- ((الشيطان)) - إما مشتق من شاط أي هلك فهو فعلان وإما من شطن أي بعد فهو فيعال والمراد منه إما إبليس شخصه فاللام للعهد وإما نوعه فلام للجنس, قوله - ((لا يتمثل)) -أي لا يتصور بصورتي, قال القاضي عياض: قال بعضهم خص الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بأن رؤية الناس إياه صحيحة وكلها صدق ومنع الشيطان أن يتصور في خلقه لئلا يكذب على لسانه في النوم كما خرق الله تعالى العادة للأنبياء بالمعجزة وكما استحال أن يتصور الشيطان في صورة اليقظة قال محي السنة رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حق ولا يتمثل الشيطان به وكذا جميع الأنبياء والملائكة عليهم السلام لا يتمثل بهم انتهى, فإن قلت إذا قلنا إنه رآه حقيقة فمن رآه في المنام هل يطلق عليه صحابي أم لا, قلت لا إذ لا يصدق عليه حد الصحابي وهو مسلم رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذ المراد منه الرؤية المعهودة الجارية على العادة أي الرؤية في حياته الدنيا لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>