وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلَالَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَمَّا الأَرْكَانُ فَإِنِّى لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمَسُّ إِلَاّ الْيَمَانِيَيْنِ، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
ــ
عليه السلام قال القاضي عياض واتفق العلماء على أن الركنين الشاميين وهما مقابلا اليمانيين لا يستلمان وإنما كان الخلاف فيه في العصر الأول بين بعض الصحابة وبعض التابعين ثم ذهب الخلاف قوله (تلبس) بفتح الموحدة (والسبتية) بكسر السين وسكون الموحدة هي التي أشار ابن عمر إلى تفسيرها بقوله ليس فيها شعر. الجوهري: السبت بالكسر جلد النقر المدبوغ بالقرظ تحذى منه النعال السبتية وقال ابن وهب النعال السبتية كانت سوداً لا شعر فيها وكانت عادة العرب لباس النعال بشعرها غير مدبوغة وكانت المدبوغة تعمل في الطائف وغيره وإنما كان يلبسها أهل الرفاهية قوله (تصبغ) بضم الموحدة وفتحها لغتان مشهورتان. قال المازري قيل المراد صبغ الثوب لأنه أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم سبع ولم ينقل عنه أنه صبغ شعره وقيل صبغ الشعر وقد جاءت آثار عن ابن عمر أنه صفر لحيته واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصفر لحيته الشريفة بالورس والزعفران رواه أبو داود. قوله (الهلال) أي هلال ذي الحجة والإهلال لغةً رفع الصوت وسمي الهلال هلالاً لرفعهم الصوت عند رؤيته واصطلاحاً رفع الصوت بالتلبية عند الدخول في الإحرام ويوم التروية يوم الثامن من ذي الحجة سمي به لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء أي يحملونه معهم من مكة إلى عرفات ليستعملوه في الشرب وغيره وقيل لأن إبراهيم عليه السلام رأى الرؤيا لذبح ولده في ليلته وقيل لأنه تفكر في رؤياه التي رآها واعلم أن لفظ رأيتك يحتمل أن يكون بمعنى الإبصار وبمعنى العلم و (كنت) يحتمل أن تكون تامة وناقصة و (بمكة) ظرفً لغو أو مستقر (وإذا) في إذا كنت وفي إذا رأوا يحتمل كونهما شرطيتين وظرفيتين وكون الأول شرطية والثاني ظرفية وبالعكس (وأهل) إما حال وإما جزاء للأول وإما جزاء للثاني على مذهب الكوفية حيث جوزوا تقديمه على الشرط وإما مفسرة لجزاء الثاني على مذهب البصرية (ويوم) إما مرفوع بأنه اسم كان التامة وإما منصوب بأنه خبر كان الناقصة والاسم الزمان المقدر الدال عليه السياق ولا يخفى عليك التقادير وأولوية بعضها فإن قلت ذكر في جواب كل من رأيتك الأربع فعلاً رآه منه فما هو ههنا وكان القياس أن يقول رأيتك لم تهل حتى كان يوم التروية. قلت إما أن يكون محذوفاً والمذكور