(سمرت) روي بتخفيف الميم وبتشديدها وفي بعضها سمل باللام وسمل العين فقؤها يقال سملت عينه بصفة المجهول ثلاثيا إذا فقئت بحديده محماة ومعنى سمر بالراء كحلها بمسامير محمية وقيل هما بمعنى واحد السمر لغة في السمل لقرب مخارج الراء واللام. قوله (ألقوا) بصيغة المجهول و (الحرة) بفتح المهملة وبالراء المشددة أرض ذات حجارة سود كأنها أحرقت بالنار ويحتمل أن يراد بها حرارة الشمس (ولا يسقون) بفتح القاف. فان قلت لم سمرت أعينهم. قلت: قيل كان هذا قبل نزول الحدود وآية النهي المحاربة والنهي عن المثلة فهو منسوخ وقيل ليس بمنسوخ وإنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل قصاصا لأنهم فعلو بالرعاء مثل ذلك ولقد رواه مسلم في بعض طرقه وقيل النهي عن المثلة نهي تنزيه لا تحريم. فان قلت لم لا يسقون وقد اجمع المسلمون على أن من وجب عليه القتل فاستسقى لا يمنع الماء قصدا فيجتمع عليه عذابان. قلت ليس فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بترك السقي أو نهى عن سقيهم ثم إنه قد ثبت في الحديث أنهم ارتدوا عن الإسلام وحينئذ لا تبقى لهم حرمة في سقي الماء إذ دم الكافر عند الله كدم الكلب العقور. قوله (قال أبو قلابة) هو إما مقول أيوب فيكون داخلا تحت الإسناد وإما مقول البخاري فيكون تعليقا منه. فإن قلت ما الذي دل على كفرهم ومن أين استفيد ذلك. قلت علم من الطرق الأخرى روى مسلم في صحيحه وكذا الترمذي أنهم ارتدوا عن الإسلام. قال ابن بطال: اختلفوا في طهارة الأبوال فقال مالك بول ما يؤكل لحمه طاهر مستدلا بهذا الحديث وقال أبو حنيفة والشافعي الأبوال كلها نجسة وأباح رسول الله صلى الله عليه وسلم شربها للمرض لأنهم استوخموا المدينة وصاروا مرضى فقال مالك لا يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرب أبوالها وهي نجسة لأن الأنجاس كلها محرمة علينا ولا شفاء في حرام وقال ابن القصار إن ريق ما يؤكل لحمه وعرقه طاهر والمعنى فيه أنه مائع مستحيل من حيوان مأكول اللحم ليس بدم ولا قيح فكذلك بوله وذهب أهل الظاهر إلى أن بول كل حيوان وإن كان لا يؤكل لحمه طاهر غير ابن آدم وقول البخاري في ترجمة باب أبوال الإبل والدواب وافق فيه أهل الظاهر وقاس أبوال ما لا يأكل لحمه على أبوال الإبل ولذلك قال وصلى أبو موسى في دار البريد ليدل على طهارة أرواث الدواب وأبوالها ولا حجة له فيه لأنه يمكن أن يصلي على ثوب بسطه فيه أو في مكان لا يعلق به نجاسة ولو صلى على السرقين بغير بساط لكان مذهبا له ولم يجز مخالفة الجماعة به وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى إن الأرواث كلها نجاسة. وقال مالك