رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ) فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ - وَهُمُ الْيَهُودُ - مَا وَلَاّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِى كَانُوا عَلَيْهَا (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) فَصَلَّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِى صَلَاةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ
ــ
أى بعد الهجرة إلى المدينة لأنه فى مكة كان مستقبلا الى بيت المقدس وسبق تحقيق معناه أيضا على الأصح والشك المستفاد من أو الظاهر أنه من البراء. قوله (يوجه) بفتح الجيم أى يؤمر بالتوجه و (فتوجه) أى بعد نزول الآية لأن تمامها ((فول وجهك شطر المسجد الحرام)) والمراد من المسجد الكعبة قوله (رجل) وفى بعضها رجال. فان قلت فعلى هذه النسخة إلى م يرجع الضمير فى خرج. قلت الى ما دل عليه رجال وهو مفرد أو معناه ثم خرج خارج و (ما) فى ما صلى إما مصدرية أو موصولة قوله (صلاة العصر) لا ينافى ما ثبت فى بعض الروايات أنه كان فى صلاة الصبح بقباء لأن هذا الخبر وصل الى قوم كانوا يصلون فى نفس المدينة فى صلاة العصر ثم وصل الى أهل قباء فى صبح اليوم الثانى لأنهم كانوا خارجين عن المدينة لأن قباءهن جملة سوادها وفى حكم رسانيقها. قوله (فقال) أى الرجل يعنى به نفسه وتعبير المتكلم عن نفسه بلفظ الغيبة جائز جوازا مطردا وذلك إما بأن يجرد عن نفسه شخصا فيعبر عنه بلفظ الغائب وإما على طريقة الالتفات وإما باعتبار القائل أو الرجل أو نحو ذلك كما تقول عن نفسك العبد يحبك ويشتاق إليك ويحتمل أن الراوى نقل كلامه بالمعنى وكان عبارة الرجل أنا أشهد. الخطابى: فيه من الفقه وجوب قبول أخبار الآحاد وفيه أن ما مضى من صلاتهم نحو بيت المقدس قبل أن يعلموا بنسخها وبناء الباقى منها نحو الكعبة صحيح وهذا أصل فى كل أمر مأذون فيه قد جرى العمل به ثم رفع أو لحقه نسخ فان الماضى منه