انتفاء الخاصة انتفاء ماله الخاصة. فإن قلت فإذا سلم المسلمون منه يلزم أن يكون مسلماً كاملاً وإن لم يأت بسائر الأركان لكنه باطل اتفاقاً كالأول وهذا السؤال عكس السؤال الأول. قلت هذا وارد على سبيل المبالغة تعظيماً لترك الإيذاء كأن ترك الإيذاء هو نفس الإسلام الكامل وهو محصور فيه على سبيل الادعاء وأمثاله كثيرة. فإن قلت فما تقول في إقامة الحدود وإجراء التعازير والتأديبات الزاجرة قلت ذلك مستثنى من هذا العموم بالإجماع أو أنه ليس إيذاء بل هو على التحقيق إصلاح وطلب للسلامة لهم ولو في المآل. قوله:(والمهاجر) الهجر ضد الوصل ومنه قيل للكلام الفاحش هجر بضم الهاء لأنه ينبغي أن يهجر عنه والمهاجر اصطلاحاً هو الذي فارق عشيرته ووطنه وأعلم النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين أنه يجب عليهم أن يهجروا ما نهى الله عنه لتكمل هجرتهم ولا يتكلوا على الهجرة إلى المدينة فقط وقيل شق فوات الهجرة على بعضهم فقيل المهاجر أي الكامل من هجر ما نهى الله عنه ويحتمل أن يكون صدور هذا الحديث بعد الفتح ولا هجرة حينئذٍ إلا هجرة المعاصي. الخطابي: يريد أن المسلم الممدوح من كان هذا صفته وليس ذلك على معنى أن من لم يسلم الناس منه ممن دخل في عقد الإسلام فليس بمسلم وكان خارجاً عن الملة وإنما هو كقولك الناس العرب وتريد أن أفضل الناس العرب فهنا المراد أفضل المسلمين من جمع إلى أداء حقوق الله أداء حقوق المسلمين والكف عن أعراضهم وكذلك المهاجر الممدوح هو الذي جمع إلى هجران وطنه هجر ما حرم الله تعالى عليه ونفى اسم الشئ على معنى نفي الكمال عنه مستفيض في كلامهم وأقول وفي الإثبات أيضاً كذلك أي إثبات اسم الشئ على معنى إثبات الكمال له مستفيض من كلامهم. واعلم أن الإسلام في الشرع يطلق على ضربين أحدهما دون الإيمان وهو الأعمال الظاهرة كما في قوله: تعالى: "قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا" والثاني فوق الإيمان وهو أن يكون مع الأعمال اعتقاد بالقلب مع الإخلاص والإحسان واستسلام لله في جميع ما قضى به وقدر كما قال إبراهيم عليه السلام "إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت" فيحتمل أن يكون المارد بالمسلم هنا هو المخلص المستسلم لقضاء الله تعالى وقدره الراضي به فكأنه قال من أسلم وجهه لله ورضي بتقديراته لا يتعرض لأحد بإيذاء ويكف أذاه عنهم بالكلية سيما عن أخواته المسلمين وهذا كلام حسن فتدبره. قوله:(أبو معاوية) يعني الضرير محمد بن خازم بالخاء المعجمة والزاي وليس