عنه جماعات من التابعين وهذا من باب فضائله لأنه لم يسمع من الصحابة وروى عنه هؤلاء التابعيون وولاه عمر بن عبد العزيز خراج العراق وقال عبد ربه رأيت أبا الزناد دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه من الأتباع مثل ما مع السلطان من أصحاب السؤالات. قال البخاري أصح أسانيد أبي هريرة أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. قال الواقدي مات أبو الزناد فجأة في مغتسله ليلة الجمعة في رمضان سنة ثلاثين ومائة. قوله:(الأعرج) هو أبو داود عبد الرحمن بن هرمز الهاشمي المدني مات بالإسكندرية سنة سبع عشرة ومائة. قوله:(والذي نفسي بيده) ولفظ اليد من المتشابهات وفي مثله افترقت الأمة فرقتين مفوضة وهم الذين يفوضون الأمر فيها إلى الله قائلين "وما يعلم تأويله إلا الله" ومؤولة وهم الذين يؤولونها كما يقال المراد من اليد القدرة عاطفين "والراسخون في العلم" على "إلا الله" والأول أسلم والثاني أحكم. قوله:(أحب) أفعل التفضيل بمعنى المفعول على خلاف القياس وإن كان كثيراً إذ القياس أن يكون بمعنى الفاعل. فإن قلت لا يجوز الفصل بين أفعل ومعموله لأنه كالمضاف والمضاف إليه فكيف وقع لفظ إليه ههنا فصلاً بينهما. قلت الفصل بالأجنبي غير جائز لا مطلقاً مع أن في الظرف توسعاً. فإن قلت لم ما ذكر نفس الرجل أيضاً وإنما يجب أن يكون الرسول أحب إليه أيضاً من نفسه قال تعالى "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم" قلت إنما خص الولد والوالد بالذكر لكونهما أعز خلق الله عز وجل على الرجل غالباً وربما يكون أعز من نفس الرجل على الرجل فذكرهما إنما هو على سبيل التمثيل فكأنه قال حتى أكون أحب إليه من أعزته ويعلم أيضاً منه حكم غير الأعزة لأنه يلزم في غيرهم بالطريق الأولى أو اكتفى بما ذكر في سائر النصوص الدالة على وجوب كونه أحب من نفسه أيضاً كالرواية التي بعده. فإن قلت فهل يتناول لفظ الوالد الأم كما أن لفظ الولد يتناول الذكر والأنثى قلت الوالد إما أن يراد به ذات له ولد وإما أن يكون بمعنى ذو كذا نحو لابن وتامر فيتناولهما وإما أن يكتفي بأحدهما عن الآخر كما يكتفي عن أحد الضدين بالآخر. قال تعالى "سرابيل تقيكم الحر" وإما أن يكون حكمه حكم النفس في كونه معلوماً من النصوص الأخر واعلم أنه قد تقدم أن المحبة قد تكون لأمور ثلاثة ولا يخفى أن المعاني الثلاثة كلها موجودة في رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جمع من جمال الظاهر والباطن وكمال أنواع الفضائل وإحسانه إلى جميع المسلمين بهدايتهم إلى الصراط المستقيم ودوام النعيم ولا شك أن الثلاثة فيه أكمل مما في الوالدين لو كانت فيهما فيجب كونه أحب منهما لأن المحبة تابعة لذلك حاصلة بحسبها كاملة بكمالها. فإن قلت المحبة أمر طبيعي غريزي لا يدخل تحت الاختيار فكيف يكون مكلفاً بما لا يطاق عادةً. قلت لم يرد به حب الطبع بل حب الاختيار المستند إلى الإيمان فمعناه لا يؤمن حتى يؤثر رضاي على هوى الوالدين وإن كان