تبوأت منزلا أي نزلته. الخطابي: ظاهرة أمر ومعناه خبر يريد أن الله يبوئه مقعدة من النار. قال ولم يخف الزبير على نفسه من الحديث أن يكذب فيه عمدا ولكنه خاف أن يزل أو يخطئ فيكون ما يحرى من الغلط فيه كذبا إذ لم يتيقن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قاله وفيه من العلم أنه لا يجوز الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشك وغالب الظن حتى يتيقن سماعه ويعلم صحته قال ابن بطال. قيل التبوء إن كان إلى الكاذب فلا شك أنه لا يبوئ نفسه وله إلى تركه سبيل وإن كان إلى الله فأمر العبد بما لا سبيل إليه غير جائز وأجيب بأنه بمعنى الدعاء أي بوأه الله. فان قيل أذلك عام في كل كذب أم خاص. قلنا اختلفوا فيه فقيل معناه الخصوص أي الكذب في الدين كأن نسب إليه تحريم حلال أو تحليل حرام وقيل كان ذلك في رجل بعينه كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وادعى عند قوم أنه بعثه إليهم ليحكم فيهم واحتجاج الزبير به بنفي التخصيص فهو عام في كل كذب ديني وديناوي. الطيبي: الأمر بالتنبؤ تهكم وتغليظ إذ لو قيل كان مقعدة في النار لم يكن كذلك وأيضا فيه إشارة إلى معنى القصد في الذنب وجزائه أي كما أنه قصد في الكذب التعمد فليقصد في جزائه التبوء أقول وأحتمل أن يكون الأمر على حقيقته بأن يكون معناه من كذب فيأمر نفسه بالتبوء ويلزم عليه في قوله فليتبوأ أتوج يهات أربعة. فان قلت من قصد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن في الواقع كذبا هل يأثم. قلت يأثم لكن لا بسبب الكذب بل بسبب قصد الكذب لأن قصد المعصية معصية إذا تجاوز عن درجة الوسوسة فلا يدخل تحت الحديث. النووي: الحديث يشتمل على فوائد منها تقرير قاعدة لأهل السنة أن الكذب يتناول إخبار العامد والساهي عن الشيء بخلاف ما هو عليه ومنها تعظيم تحريم الكذب عليه صلى الله عليه وسلم وأنه فاحشة عظيمة ولكن لا يكفر بهذا الكذب إلا أن يستحله هذا هو المشهور وحكى إمام الحرمين عن والده أنه يكفر ويراق دمه ثم إن من كذب عليه صلى الله عليه وسلم عمدا في حديث واحد فسق وردت رواياته أبدا بل تحتم جرحه دائما. قال وقلت هذا مخالف للقواعد والمختار القطع بصحة توبته وقبول روايته بعدها وقد أجمعوا على صحة رواية من كان كافرا فأسلم ومنها أنه لا فرق في تحريم الكذب عليه بين ما كان في الأحكام وما لا حكم فيه كالترغيب والترهيب والمواعظ وكله حرام من أكبر الكبائر خلافا للكرامية حيث جوزوا وضع الحديث فيما لا حكم فيه وأما توقف الزبير في الرواية والإكثار منها فلكونه خاف الغلط والنسيان والغالط والناسي وإن كان لا إثم عليه فقد ينسب إلى تفريط لتساهله أو نحوه وقد يعلق بالناس بعض الأحكام الشرعية كغرامات المتلفات وانتفاض الطهارات قال وهذا الحديث حديث في نهاية من الصحة وقيل لأنه متواتر وحكى الإمام أبو بكر الصيرفي في شرحه