فكأنه قال قل يا رسول الله لا يختلي شوكها ولا يعضد شجرها إلا الادخر وأما الواقع في لفظ صلى الله عليه وسلم فهو ظاهر أنه استثناء من كلامه السابق, فإن قلت كيف جاز وشرط الاستثناء الاتصال بالمستثنى منه وهنا قد وقع الفاصلة, قلت جار الفصل عند ابن عباس فلعل أباه أيضا جوز ذلك أو الفصل كان يسيرا وهو جائز اتفاقا ولئن سلمنا عدم الجواز فيقدر تكرار لفظ لا يختلي شوكها فيكون استثناء من المعاد لا من الأول وفي بعضها إلا الاذخر مرتين فالثاني تأكيد للأول, فإن قلت هل هو حجة لمن جوز أفناء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد وجوز تفويض الحكم إلى النبي صلى الله عليه وسلم أوحي إليه في الحال باستثناء الاذخر وتخصيصه من العموم أو أوحي إليه قبل ذلك أنه إن طلب أحد استثناء شيء منه فاستثنه أو لما علم أنه محتاج إليه استثنى بحكم الضرورات تبيح المحظورات قال ابن بطال: فيه إباحة كتابة العلم وكره قوم كتابة العلم لأنها سبب لضياع الحفظ والحديث حجة عليهم ومن الحجة أيضا ما اتفقوا عليه من كتابة المصحف الذي هو أصل العلم وكان للنبي صلى الله عليه وسلم كتاب يكتبون الوحي وقال الشعبي إذا سمعت شيئا فاكتبه ولو في الحائط, أقول محل الخلاف كتابة غير المصحف ما اتفقوا عليه لا يكون من الحجة عليهم وفي صحيح مسلم لا تكتبوا عني غير القرآن ثم أجمع المسلمون على جوازها بل على استحبابها وأجابوا عن هذا الحديث بأنه في حق من يوثق بحفظه ولا يخاف اتكاله على الكتابة ونحو الحديث أبي شاه من لا يوثق بحفظه أو بأنه كان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن فلما أمن ذلك بسبب اشتهار القرآن أذن في الكتابة أو بأن النهي عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لئلا يختلط فيشتبه على القارئ أو أنه نهى تنزيه أو أنه منسوخ, قال البخاري رضي الله عنه - ((حدثنا على بن عبدالله)) - أي ابن المديني الإمام وكان ابن عيينة يقول مع أنه شيخه تعلمت منه أكثر مما تعلم مني وكان يسميه جنة الوادي مر في