الحديث على وجه التفصيل، فهو في الجملة موافق لما استنكره الكاتب المشار
إليه وأمثاله من اجتماع الداء والدواء في الذباب، ولا يبعد أن يأتي يوم
تنجلي فيه معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم في ثبوت التفاصيل المشار إليها
علميا، (ولتعلمن نبأه، بعد حين) .
وإن من عجيب أمر هذا الكاتب وتناقضه، أنه في الوقت الذي ذهب فيه إلى تضعيف
هذا الحديث، ذهب إلى تصحيح حديث " طهور الإناء الذي يلغ فيه الكلب أن يغسل سبع
مرات: إحداهن بالتراب " فقال:
" حديث صحيح متفق عليه " فإنه إذا كانت صحته جاءت من اتفاق العلماء أو الشيخين
على صحته، فالحديث الأول أيضا صحيح عند العلماء بدون خلاف بينهم، فكيف جاز له
تضعيف هذا وتصحيح ذاك؟ ! ثم تأويله تأويلا باطلا يؤدي إلى أن الحديث غير صحيح
عنده في معناه، لأنه ذكر أن المقصود من العدد مجرد الكثرة، وأن المقصود من
التراب هو استعمال مادة مع الماء من شأنها إزالة ذلك الأثر!
وهذا تأويل باطل، بين البطلان وإن كان عزاه للشيخ محمود شلتوت عفا الله عنه.
فلا أدري أي خطأيه أعظم، أهو تضعيفه للحديث الأول وهو صحيح، أم تأويله
للحديث الآخر وهو تأويل باطل! .
وبهذه المناسبة، فإني أنصح القراء الكرام بأن لا يثقوا بكل ما يكتب اليوم في
بعض المجلات السائرة، أو الكتب الذائعة، من البحوث الإسلامية، وخصوصا ما
كان منها في علم الحديث، إلا إذا كانت بقلم من يوثق بدينه أولا، ثم بعلمه
واختصاصه فيه ثانيا، فقد غلب الغرور على كثير من كتاب العصر الحاضر، وخصوصا