قلت: فهذا يدلك على أن الذين ذهبوا إلى القول بنجاسة الدم إطلاقا ليس عندهم
بذلك نقل صحيح صريح، فهذا ابن حزم يستدل عليه بمثل هذا الحديث وفيه ما رأيت،
واقتصاره عليه وحده يشعر اللبيب بأن القوم ليس عندهم غيره وإلا لذكره ابن حزم
وكذا غيره. فتأمل.
وجملة القول: أنه لم يرد دليل فيما نعلم على نجاسة الدم على اختلاف أنواعه،
إلا دم الحيض، ودعوى الاتفاق على نجاسته منقوضة بما سبق من النقول، والأصل
الطهارة، فلا يترك إلا بنص صحيح يجوز به ترك الأصل، وإذ لم يرد شيء من ذلك
فالبقاء على الأصل هو الواجب. والله أعلم.
٣٠٢ - " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش
بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ".
أخرجه مسلم (٧ / ٥٨) وأبو يعلى في " مسنده " (٣٥٥ / ٢) والخطيب
(١٣ / ٦٤) وابن عساكر (١٧ / ٣٥٣ / ١) من طريق الوليد بن مسلم: حدثنا
الأوزاعي عن أبي عمار شداد أنه سمع واثلة بن الأسقع يقول: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.
وأخرجه أحمد (٤ / ١٠٧) : حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا الأوزاعي قال:
حدثني أبو عمار به.
قلت: وهذه متابعة قوية من أبي المغيرة للوليد بن مسلم، وإنما أخرجتها مع
إخراج مسلم لحديثه، خشية أن يتعلق أحد بالوليد فيعل الحديث به لأنه كان يدلس
تدليس التسوية، وهو لم يصرح بالتحديث بين الأوزاعي وأبي عمار، فأمنا تدليسه
بهذه