ورواه البغوي في " تفسيره " (٧ / ٥٢٨) من هذا الوجه بلفظ:
" نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طلحة بن عبد الله فقال: من أحب أن
ينظر إلى رجل يمشي على وجه الأرض قد قضى نحبه فلينظر إلى هذا ".
وقد عزاه صاحب " مشكاة المصابيح " للترمذي في رواية له، وهو وهم منه
رحمه الله.
وبالجملة فالحديث بهذه الطرق والشواهد يرتقي إلى درجة الصحة، وهي وإن
اختلفت ألفاظها فالمؤدى واحد كما هو ظاهر وقد ثبته الحافظ في " الفتح "
(٨ / ٣٩٨ - بولاق) . والله أعلم.
وفي الحديث إشارة إلى قول الله تبارك وتعالى (من المؤمنين رجال صدقوا ما
عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا) .
وفيه منقبة عظيمة لطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، حيث أخبر صلى الله عليه
وسلم أنه ممن قضى نحبه مع أنه لا يزال حيا ينتظر الوفاء بما عاهد الله عليه،
قال ابن الأثير في " النهاية ":
" النحب النذر، كأنه ألزم نفسه أن يصدق أعداء الله في الحرب، فوفى به،
وقيل: النحب الموت، كأنه يلزم نفسه أن يقاتل حتى يموت ".
وقد قتل رضي الله عنه يوم الجمل. فويل لمن قتله.
١٢٧ - " قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك
ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك