أن أخانا الفاضل (أبا إسحاق الحويني) سئل في فصله الخاص الذي تنشره له مجلة (التوحيد) الغراء في كل عدد من أعدادها، فسئل- حفظه الله وزاده علماً وفضلاً- عن هذا الحديث في العدد (الثالث- ربيع أول- ١٤١٩) ؟ فضعفه، وبين ذلك ملتزماً علم الحديث وما قاله العلماء في رواة إسناده، فأحسن في ذلك أحسن البيان، جزاه الله خيراً، لكني كنت أود وأتمنى له أن يُتْبِعَ ذلك ببيان أن الحديث بأطرافه الثلاثة صحيح؛ حتى لا يتوهمن أحد من قراء فصله أن الحديث ضعيف مطلقاً سنداً ومتناً، كما يشعر بذلك سكوته عن البيان المشار إليه. أقول هذا؛ مع أنني أعترف له بالفضل في هذا العلم، وبأنه يفعل هذا الذي تمنيته له في كثير من الأحاديث التي يتكلم على أسانيدها، ويبين ضعفها، فيتبع ذلك ببيان الشواهد التي تقوي الحديث، لكن الأمر- كما قيل-: كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه. *
٣٩٥٤- (دخل النبي- صلى الله عليه وسلم - نخلاً لبني النّجار، فسمع أصوات رجالٍ من بني النجار ماتوا في الجاهلية، يعذَّبُون في قبورهم؛ فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَزِعاً، فأمر أصحابه أن يتعوذوا من عذاب القبر) .
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف "(٣/٥٨٤/٦٧٤٢) ، ومن طريقه: الإمام أحمد في "المسند"(٣/٢٩٥- ٢٩٦) ، وكذا في كتاب "السنة" له (٢/٦٠١/١٤٣٢) من طريق ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: ... فذكره.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ كما قال الحافظ في "فتح الباري "(١/٣٢١) ؛ يرد به على من اعتمد على رواية ابن لهيعة بلفظ:
"فسمعهم يعذبون في القبور بالنميمة"، وهو حديث منكر؛ كما بينته في