فائدة الحديث
فيه وفي الذي قبله دليل على فضل الكفاف، وأخذ البلغة من الدنيا والزهد فيما
فوق ذلك، رغبة في توفر نعيم الآخرة، وإيثارا لما يبقى على ما يفنى، فينبغي
للأمة أن تقتدي به صلى الله عليه وسلم في ذلك.
وقال القرطبي:
معنى الحديث أنه طلب الكفاف، فإن القوت ما يقوت البدن ويكف عن الحاجة، وفي
هذه الحالة سلامة من آفات الغنى والفقر جميعا. كذا في " فتح الباري "
(١١ / ٢٥١ - ٢٥٢) .
قلت: ومما لا ريب فيه أن الكفاف يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان والأحوال،
فينبغي للعاقل أن يحرص على تحقيق الوضع الوسط المناسب له، بحيث لا ترهقه
الفاقة، ولا يسعى وراء الفضول الذي يوصله إلي التبسط والترفه، فإنه في هذه
الحال قلما يسلم من عواقب جمع المال، لاسيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه
مفاتنه، وتيسرت على الأغنياء سبله.
أعاذنا الله تعالى من ذلك، ورزقنا الكفاف من العيش.
١٣١ - " هذه بتلك السبقة ".
أخرجه الحميدي في مسنده (ق ٤٢ / ٢) وأبو داود (٢٥٧٨) والنسائي في
" عشرة النساء " (ق ٧٤ / ١) والسياق له وابن ماجه (١٩٧٩) مختصرا
وأحمد (٦ / ٣٩ / ٢٦٤) مختصرا ومطولا من طريق جماعة عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها:
" أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في سفر، وهي جارية (قالت:
لم أحمل اللحم ولم أبدن) ، فقال لأصاحبه: تقدموا، (فتقدموا) ثم قال:
تعالي أسابقك، فسابقته،