ومن العجيب أن النووي بعد أن صرح في الأذكار بكراهة السلام على المصلي قال ما
نصه:
" والمستحب أن يرد عليه في الصلاة بالإشارة، ولا يتلفظ بشيء ".
أقول: ووجه التعجب أن استحباب الرد فيه أن يستلزم استحباب السلام عليه
والعكس بالعكس، لأن دليل الأمرين واحد، وهو هذا الحديث وما في معناه،
فإذا كان يدل على استحباب الرد، فهو في الوقت نفسه يدل على استحباب الإلقاء،
فلو كان هذا مكروها لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو بعدم الإشارة
بالرد، لما تقرر أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. وهذا بين ظاهر
والحمد لله.
ومن ذلك أيضا السلام على المؤذن وقارىء القرآن، فإنه مشروع، والحجة ما
تقدم فإنه إذا ما ثبت استحباب السلام على المصلي، فالسلام على المؤذن
والقارىء أولى وأحرى. وأذكر أنني كنت قرأت في المسند حديثا فيه سلام النبي
صلى الله عليه وسلم على جماعة يتلون القرآن، وكنت أود أن أذكره بهذه المناسبة
وأتكلم على إسناده، ولكنه لم يتيسر لي الآن.
وهل يردان السلام باللفظ أم بالإشارة؟ الظاهر الأول، قال النووي: " وأما
المؤذن فلا يكره له رد الجواب بلفظه المعتاد لأن ذلك يسير، لا يبطل الأذان
ولا يخل به ".
ومن ذلك تكرار السلام بعد حصول المفارقة ولو بعد مدة يسيرة، لقوله صلى الله
عليه وسلم:
" إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم
لقيه فليسلم عليه أيضا ".
١٨٦ - " إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم
لقيه فليسلم عليه أيضا ".
رواه أبو داود (٥٢٠٠) من طريق ابن وهب قال. أخبرني معاوية ابن صالح عن أبي
موسى عن أبي مريم عن أبي هريرة قال: إذا لقي ... قال معاوية: وحدثني