فهذا الحديث وغيره يدل على أن المؤمن لا يقبل منه عمله الصالح إذا لم يقصد به
وجه الله عز وجل، وفي ذلك يقول تعالى: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا
صالحا، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) . فإذا كان هذا شأن المؤمن فماذا يكون حال
الكافر بربه إذا لم يخلص له في عمله؟ الجواب في قول الله تبارك وتعالى:
(وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) .
وعلى افتراض أن بعض الكفار يقصدون بعملهم الصالح وجه الله على كفرهم، فإن
الله تعالى لا يضيع ذلك عليهم، بل يجازيهم عليها في الدنيا، وبذلك جاء النص
الصحيح الصريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو:
" إن الله لا يظلم مؤمنا حسنته، يعطى بها (وفي رواية: يثاب عليها الرزق في
الدنيا) ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في
الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها ".
٥٣ - " إن الله لا يظلم مؤمنا حسنته يعطى بها (وفي رواية: يثاب عليها الرزق في
الدينا) ويجزى بها في الآخرة وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في
الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها ".
أخرجه مسلم (٨ / ١٣٥) ، وأحمد (٣ / ١٢٥) ، ولتمام في " الفوائد "
(٨٧٩) الشطر الأول.
تلك هي القاعدة في هذه المسألة: أن الكافر يجازى على عمله الصالح شرعا في
الدنيا، فلا تنفعه حسناته في الآخرة، ولا يخفف عنه العذاب بسببها فضلا عن
أن ينجو منه.