للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٧٠٤ - " لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في طريق، فاضطروهم

إلى أضيقه ".

أخرجه مسلم والبخاري في " الأدب المفرد " وأحمد وغيرهم من حديث أبي هريرة

مرفوعا وهو مخرج في " إرواء الغليل " (١٢٧١) . والغرض من إيراده هنا أنه

جمعنا مجلس فيه طائفة من أصحابنا أهل الحديث فورد سؤال عن جواز بدء غير المسلم

بالسلام، فأجبت بالنفي محتجا بهذا الحديث، فأبدى أحدهم فهما للحديث مؤداه أن

النهي الذي فيه إنما هو إذا لقيه في الطريق وأما إذا أتاه في حانوته أو منزله

فلا مانع من بدئه بالسلام! ثم جرى النقاش حوله طويلا. وكل يدلي بما عنده من

رأي، وكان من قولي يومئذ: أن قوله: لا تبدؤوا مطلق، ليس مقيدا بالطريق

وأن قوله: " وإذا لقيتم أحدهم في طريق ... " لا يقيده، فإنه من عطف الجملة

على الجملة، ودعمت ذلك بالمعنى الذي تضمنته هذه الجملة، وهو أن اضطرارهم

إلى أضيق الطرق إنما هو إشارة إلى ترك إكرامهم لكفرهم، فناسب أن لا يبادؤوا من

أجل ذلك بالسلام لهذا المعنى، وذلك يقتضي تعميم الحكم.

هذا ما ذكرته يومئذ، ثم وجدت ما يقويه ويشهد له في عدة روايات:

الأولى: قول راوي الحديث سهيل بن أبي صالح: " خرجت مع أبي إلى الشام، فكان

أهل الشام يمرون بأهل الصوامع فيسلمون عليهم، فسمعت أبي يقول: سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول ... " فذكره. أخرجه أحمد (٢ / ٣٤٦) وأبو داود بسند

صحيح على شرط مسلم. فهذا نص من راوي الحديث - وهو أبو صالح واسمه ذكوان

تابعي ثقة، أن النهي يشمل الكتابي ولو كان في منزله ولم يكن في الطريق.

وراوي الحديث أدرى بمرويه من غيره، فلا أقل من أن يصلح للاستعانة به على

الترجيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>