٢٥٩٣ - " أما شعرت أني أمرتهم بأمر فهم يترددون، ولو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت
ما سقت الهدي ولا اشتريته حتى أحل كما حلوا ".
أخرجه إسحاق ابن راهويه في " مسنده " (٤ / ١٢٦ / ٢) : أخبرنا النضر ووهب
قالا: حدثنا شعبة عن الحكم بن عتيبة عن علي بن حسين عن ذكوان مولى عائشة عن
عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع ليال خلون أو خمس
من ذي الحجة في حجته وهو غضبان، فقلت: يا رسول الله من أغضبك أدخله الله
النار؟! فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه
مسلم (٤ / ٣٣ - ٣٤) وأحمد (٦ / ١٧٥) والبيهقي (٥ / ١٩) من طرق أخرى عن
شعبة به. قلت: وهذا الحديث مثل أحاديث كثيرة ذكرها ابن القيم في " زاد
المعاد "، فيها كلها أمره صلى الله عليه وسلم المفردين والقارنين الذين لم
يسوقوا الهدي بفسخ الحج إلى العمرة، وآثرت هذا منها بالذكر ههنا لعزة مخرجه
الأول: " مسند إسحاق "، وحكاية عائشة غضبه صلى الله عليه وسلم بسبب تردد
أصحابه في تنفيذ الأمر بالفسخ، علما أن ترددهم رضي الله عنهم لم يكن عن عصيان
منهم، فإن ذلك ليس من عادتهم، وإنما هو كما قال راويه الحكم عند أحمد وغيره
: " كأنهم هابوا "، وذلك لأنهم كانوا في الجاهلية لا يعرفون العمرة في أيام
الحج كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى: أنهم
رأوا النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل معهم، فظنوا أن في الأمر سعة فترددوا،
فلما عرفوا منه السبب وأكد لهم الأمر بادروا إلى تنفيذه رضي الله عنهم.